قال : كنت أقيم عليها الحدّ كما أقيم على سائر المسلمين. قال : كنت إذن عند الله من الكافرين. قال : ولم؟ قال : لأنّك رددت شهادة الله لها بالطهارة ، وقبلت شهادة الناس عليها ، كما رددت حكم الله وحكم رسوله أن جعل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لها فدك وقبضته في حياته ، ثم قبلت شهادة أعرابي بوال على عقبيه ، مثل أوس بن الحدثان ، وأخذت منها فدك ، وزعمت أنّه فيء للمسلمين ، وقد قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : البيّنة على المدّعي ، واليمين على من ادّعي عليه ـ قال ـ فدمدم الناس ، وبكى بعضهم ، فقالوا : صدق ـ والله ـ عليّ. ورجع عليّ إلى منزله».
قال : «ودخلت فاطمة المسجد ، وطافت بقبر أبيها (عليه وآله السّلام) وهي تبكي ، وتقول :
إنا فقدناك فقد الأرض وابلها |
|
واختل قومك فاشهدهم ولا تغب (١) |
قد كان بعدك أنباء وهنبثة (٢) |
|
لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب |
قد كان جبريل بالآيات يؤنسنا |
|
فغاب عنا وكلّ الخير محتجب |
وكنت بدرا ونورا يستضاء به |
|
عليك تنزل من ذي العزة الكتب |
تقمصتها رجال واستخف بنا |
|
إذ غبت عنّا فنحن اليوم نغتصب |
فكلّ أهل له قربى ومنزلة |
|
عند الإله على الأدنين مقترب |
أبدت رجال لنا فحوى صدورهم |
|
لما مضيت وحالت دونك الكثب (٣) |
__________________
(١) في البيت إقواء بيّن ، إذ أن حرف الروي في القصيدة مرفوع وهنا مجرور ، وروي في مصادر أخرى : «فاشهدهم قد انقلبوا» وروي أيضا : «فأشهدهم فقد نكبوا».
(٢) الهنبثة : واحدة الهنابث ، وهي الأمور الشداد المختلفة. «لسان العرب ـ هنبث ـ ج ٢ ، ص ١٩٩».
(٣) الكثيب من الرمل : هو ما اجتمع واحدودب ، والجمع : كثب. «لسان العرب ـ كثب ـ ج ١ ، ص ٧٠٢».