فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ فَإِذا أَصابَ بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (٤٨) وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ (٤٩) فَانْظُرْ إِلى آثارِ رَحْمَتِ اللهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ ذلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتى وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (٥٠) [سورة الروم : ٤٦ ـ ٥٠]؟!
الجواب / قال الشيخ الطبرسي : ولما وعد الله سبحانه وأوعد ، فكأن قائلا قال : ما أصل ما يجزي الله عليه بالخير ، فقيل : العبادة. وأصل عبادة الله معرفته ، ومعرفته إنما تكون بأفعاله ، فقال : (وَمِنْ آياتِهِ) أي : ومن أفعاله الدالة على معرفته (أَنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ) بالمطر ، فكأنها ناطقات بالبشارة لما فيها من الدلالة عليه ، وإرسال الرياح تحريكها وإجراؤها من الجهات المختلفة ، تارة شمالا ، وتارة جنوبا ، صبا وأخرى دبورا ، على حسب ما يعلم الله في ذلك من المصلحة. (وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ) أي : وليصيبكم من نعمته ، وهي الغيث ، وتقديره أنه يرسل الرياح للبشارة والإذاقة من الرحمة. (وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ) بها (بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ) أي : ولتطلبوا بركوب السفن الأرياح. وقيل : لتطلبوا بالأمطار فيما تزرعونه من فضل الله (وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) نعمة الله. تلطف سبحانه بلفظ (لَعَلَّكُمْ) في الدعاء إلى الشكر ، كما تلطف في الدعاء إلى البر بقوله (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً).
ثم خاطب سبحانه نبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم تسلية له في تكذيب قومه إياه فقال : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ) يا محمد (رُسُلاً إِلى قَوْمِهِمْ فَجاؤُهُمْ بِالْبَيِّناتِ) أي : بالمعجزات والآيات الباهرات. وههنا حذف تقديره : فكذبوهم ، وجحدوا بآياتنا فاستحقوا العذاب. (فَانْتَقَمْنا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا) أي : عاقبناهم بتكذيبهم (وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) معناه : ودفعنا السوء والعذاب عن المؤمنين ، وكان واجبا علينا نصرهم ، بإعلاء الحجة ، ودفع الأعداء عنهم. إلا