أنه دل على المحذوف قوله (وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ). وجاءت الرواية عن أم الدرداء أنها قالت : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : «ما من امرىء مسلم يرد عن عرض أخيه إلا كان حقا على الله أن يرد عنه نار جهنم يوم القيامة» ثم قرأ (وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ). ثم قال سبحانه مفسرا لما أجمله في الآية المتقدمة : (اللهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً) أي : فتهيج سحابا فتزعجه (فَيَبْسُطُهُ) الله (فِي السَّماءِ كَيْفَ يَشاءُ) إن شاء بسطه مسيرة يوم ، وإن شاء بسطه مسيرة يومين ، ويجريها إلى أي جهة شاء ، وإلى أي بلد شاء (وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً) أي : قطعا متفرقة. وقيل : متراكبا بعضه على بعض حتى يغلظ. وقيل : قطعا تغطي ضوء الشمس. (فَتَرَى الْوَدْقَ) أي : القطر (يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ) أي : من خلال السحاب (فَإِذا أَصابَ بِهِ) أي : بذلك الودق (مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) أي : يفرحون ، ويبشر بعضهم بعضا به (وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ) معناه : وإنهم كانوا من قبل إنزال المطر عليهم ، قانطين آيسين من نزول المطر. وكرر كلمة (مِنْ قَبْلِ) للتوكيد. وقيل : إن الأول من قبل الإنزال للمطر ، والثاني من قبل الإرسال للرياح. (فَانْظُرْ إِلى آثارِ رَحْمَتِ اللهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ) حتى أنبت شجرا ومرعى (بَعْدَ مَوْتِها) أي : بعد أن كانت مواتا يابسة ، جعل الله سبحانه اليبس والجدوبة بمنزلة الموت ، وظهور النبات فيها بمنزلة الحياة توسعا. (إِنَّ ذلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتى) أي : إن الله تعالى يفعل ما ترون ، وهو الله تعالى ، ليحيي الموتى في الآخرة بعد كونهم رفاتا (وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) مر معناه (١).
__________________
(١) مجمع البيان : ج ٨ ، ص ٦٨ ـ ٦٩.