بِما كَذَّبُونِ) أي أعني عليهم ، فالنصرة المعونة على العدو. فأجاب الله تعالى دعاءه. وأهلك عدوه ، فأغرقهم ونجاه من بينهم بمن معه من المؤمنين. وقوله (بِما كَذَّبُونِ) يقتضي أن يكون دعا عليهم بالإهلاك جزاء على تكذيبهم إياه ، فقال الله تعالى إنا (فَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ) وهو السفينة (بِأَعْيُنِنا) وقيل في معناه قولان :
١ ـ بحيث نراها ، كما يراها الرائي من عبادنا بينه ، ليتذكر أنه يصنعها ، والله (عزوجل) يراه.
٢ ـ بأعين أوليائنا من الملائكة والمؤمنين ، فإنهم يحرسونك من منع مانع لك.
وقوله (وَوَحْيِنا) أي بإعلامنا إياك كيفية فعلها. وقوله (فَإِذا جاءَ أَمْرُنا) يعني إذا جاء وقت إهلاكنا لهم (وَفارَ التَّنُّورُ) روي أنه كان جعل الله تعالى علامة وقت الإهلاك فوران التنور بالماء. فقال له : إذا جاء ذلك الوقت (فَاسْلُكْ فِيها) يعني في السفينة ، وكان فوران الماء من التنور المسجور بالنار ، معجزة لنوح عليهالسلام ودلالة على صدقه ، وأكثر المفسرين على أنها التنور التي يخبز فيها. وروي عن علي عليهالسلام أنه أراد طلوع الفجر ... ومعنى (فَاسْلُكْ فِيها) احمل فيها وأدخل إلى السفينة (مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ) أي من كل زوجين ، من الحيوان اثنين : ذكرا وأنثى. والزوج واحد له قرين من جنسه وقوله (وَأَهْلَكَ) أي أجمل أهلك معهم ، يعني الذين آمنوا معك (إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ) بالإهلاك منهم (وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا) أي لا تسلني في الظالمين أنفسهم بالإشراك معي ف (إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ) هالكون. ثم قال له (فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ) يا نوح (وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ) واستقررتم فيه وعلوتم عليه ، وتمكنتم منه فقل شكرا لله (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانا) وخلصنا (مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) لنفوسهم بجحدهم توحيد الله.