١٦ ـ (وَالَّذانِ يَأْتِيانِها) : الكلام في اللذان كالكلام في اللاتي ؛ إلا أن من أجاز النصب يصحّ أن يقدّر فعلا من جنس المذكور ، تقديره : آذوا اللذين.
ولا يجوز أن يعمل ما بعد الفاء فيما قبلها هاهنا ولو عرا من ضمير المفعول ؛ لأنّ الفاء هنا في حكم الفاء الواقعة في جواب الشرط ، وتلك تقطع ما بعدها عما قبلها.
ويقرأ اللذان ـ بتخفيف النون ـ على أصل التثنية. وبتشديدها على أنّ إحدى النونين عوض من اللام المحذوفة ؛ لأنّ الأصل اللّذيان مثل العميان والشجيان ؛ فحذفت الياء ؛ لأنّ الاسم مبهم ، والمبهمات لا تثنّى التثنية الصناعية ، والحذف مؤذن بأنّ التثنية هنا مخالفة للقياس.
وقيل : حذفت لطول الكلام بالصلة ؛ فأما هذان ، وهاتين ، وفذانك ـ فتذكّر في مواضعها.
١٧ ـ (إِنَّمَا التَّوْبَةُ) : مبتدأ ، وفي الخبر وجهان :
أحدهما ـ هو (عَلَى اللهِ) ؛ أي ثابتة على الله ؛ فعلى هذا يكون (لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ) حالا من الضمير في الظرف ، وهو قوله : «على الله» ؛ والعامل فيها الظّرف ، أو الاستقرار ؛ أي كائنة للذين ؛ ولا يجوز أن يكون العامل في الحال التوبة ، لأنّه قد فصل بينهما بالجار. والوجه الثاني ـ أن يكون الخبر «للذين يعملون» ؛ وأما «على الله» فيكون حالا من شيء محذوف ، تقديره : إنما التوبة إذ كانت على الله ، أو إذا كانت على الله ؛ فإذ أو إذا ظرفان العامل فيهما الذين يعملون السوء ؛ لأنّ الظرف يعمل فيه المعنى وإن تقدّم عليه.
وكان التامة ، وصاحب الحال ضمير الفاعل في كان.
ولا يجوز أن يكون على الله حالا يعمل فيها الذين ؛ لأنّه عالم معنويّ ، والحال لا يتقدم على المعنوي ، ونظير هذه المسألة قولهم : هذا بسرا أطيب منه رطبا.
١٨ ـ (وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ) : في موضعه وجهان :
أحدهما ـ هو جرّ عطفا على الذين يعملون السيئات ؛ أي ولا للذين يموتون.
والوجه الثاني ـ أن يكون مبتدأ ، وخبره (أُولئِكَ أَعْتَدْنا لَهُمْ). واللام لام الابتداء ، وليست لا النافية.
١٩ ـ (أَنْ تَرِثُوا) : في موضع رفع فاعل يحلّ ؛ و (النِّساءَ) فيه وجهان :
أحدهما ـ هو المفعول الأول ، والنساء على هذا هن الموروثات ، وكانت الجاهلية ترث نساء آبائها ، وتقول : نحن أحقّ بنكاحهنّ.
والثاني ـ أنه المفعول الثاني ؛ والتقدير : أن ترثوا من النساء المال.
و (كَرْهاً) : مصدر في موضع الحال من المفعول ، وفيه الضم والفتح ، وقد ذكر في آل عمران.
(وَلا تَعْضُلُوهُنَ) : فيه وجهان :
أحدهما ـ هو منصوب عطفا على «ترثوا» ؛ أي ولا أن تعضلوهنّ.
والثاني ـ هو جزم بالنهي ؛ فهو مستأنف.
(لِتَذْهَبُوا) : اللام متعلقة بتعضلوا ، وفي الكلام حذف ، تقديره : ولا تعضلوهنّ من النكاح ، أو من الطلاق ، على اختلافهم في المخاطب به : هل هم الأولياء ، أو الأزواج؟
(ما آتَيْتُمُوهُنَ) : العائد على «ما» محذوف ؛ تقديره : ما آتيتموهن إيّاه ، وهو المفعول الثاني.
(إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ) : فيه وجهان :
أحدهما ـ هو في موضع نصب على الاستثناء المنقطع.
والثاني ـ هو في موضع الحال ؛ تقديره : إلا في حال إتيانهنّ الفاحشة.
وقيل : هو استثناء متّصل ؛ تقديره : ولا تعضلوهن في حال إلا في حال إتيان الفاحشة.
(مُبَيِّنَةٍ) : يقرأ بفتح الياء على ما لم يسمّ فاعله ؛ أي أظهرها صاحبها.
وبكسر الياء والتشديد. وفيه وجهان :
أحدهما ـ أنها هي الفاعلة ؛ أي تبيّن حال مرتكبها.
والثاني ـ أنه من اللازم ، يقال : بان الشيء ، وأبان ، وتبيّن ، واستبان ، وبيّن بمعنى واحد.
ويقرأ بكسر الباء وسكون الياء ، وهو على الوجهين في المشدّدة المكسورة.
(بِالْمَعْرُوفِ) : مفعول ، أو حال.
(أَنْ تَكْرَهُوا) : فاعل عسى ، ولا خبر لها هاهنا ؛ لأنّ المصدر إذا تقدم صارت عسى بمعنى قرب ، فاستغنت عن تقدير المفعول المسمّى خبرا.
٢٠ ـ (وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ) : ظرف للاستبدال.
وفي قوله : (وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً) إشكالان :
أحدهما ـ أنه جمع الضمير ، والمتقدّم زوجان.
والثاني ـ أنّ التي يريد أن يستبدل بها هي التي تكون قد أعطاها مالا فينهاه عن أخذه ، فأما التي يريد أن يستحدثها فلم يكن أعطاها شيئا حتى ينهى عن أخذه ، ويتأيّد ذلك بقوله : (وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ).
والجواب عن الأول أنّ المراد بالزوج الجمع ؛ لأنّ الخطاب لجماعة الرجال ؛ وكلّ منهم قد يريد الاستبدال.
ويجوز أن يكون جمعا ؛ لأنّ التي يريد أن يستحدثها ، يفضي حالها إلى أن تكون زوجا ، وأن يريد أن يستبدل بها كما استبدل بالأولى ؛ فجمع على هذا المعنى.