و «أشدّ» يجوز أن يكون مجرورا عطفا على ذكركم ، تقديره : أو كأشد ؛ أي أو كذكر أشدّ.
ويجوز أن يكون منصوبا عطفا على الكاف ؛ أي أو ذكرا أشد.
و (ذِكْراً) : تمييز ، وهو في موضع مشكل ؛ وذلك أن أفعل تضاف إلى ما بعدها إذا كان من جنس ما قبلها ، كقولك : ذكرك أشد ذكر ، ووجهك أحسن وجه ؛ أي أشد الأذكار ، وأحسن الوجوه.
وإذا نصبت ما بعدها كان غير الذي قبلها ؛ كقولك : زيد أفره عبدا ، فالفراهة للعبد لا لزيد.
والمذكور قبل أشدها هنا هو الذّكر ، والذكر لا يذكر حتى يقال الذكر أشد ذكرا ؛ وإنما يقال : الذكر أشدّ ذكر بالإضافة ؛ لأنّ الثاني هو الأول.
والذي قاله أبو علي وابن جنى وغير هما أنه جعل الذكر ذاكرا على المجاز ، كما تقول : زيد أشد ذكرا من عمرو.
وعندي أنّ الكلام محمول على المعنى ، والتقدير : أو كونوا أشدّ ذكرا لله منكم لآبائكم ؛ ودلّ على هذا المعنى قوله تعالى : (فَاذْكُرُوا اللهَ) ؛ أي كونوا ذاكريه ؛ وهذا أسهل من حمله على المجاز.
٢٠١ ـ (فِي الدُّنْيا حَسَنَةً) : يجوز أن تكون «في» متعلّقة بآتنا ، وأن تكون صفة لحسنة قدّمت فصارت حالا.
(وَقِنا) : حذفت منه الفاء ، كما حذفت في المضارع إذا قلت يقي ، وحذفت لامها للجزم ، واستغنى عن همزة الوصل لتحرّك الحرف المبدوء به.
٢٠٣ ـ (فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ) : إن قيل : الأيّام واحدها يوم ، والمعدودات واحدها معدودة ؛ واليوم لا يوصف بمعدودة ؛ لأنّ الصفة هنا مؤنثة ، والموصوف مذكّر ، وإنما الوجه أن يقال أيام معدودة ، فتصف الجمع بالمؤنث.
والجواب أنه أجرى معدودات على لفظ أيام ، وقابل الجمع بالجمع مجازا ، والأصل معدودة ، كما قال : (لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً).
ولو قيل : إنّ الأيام تشتمل على الساعات ، والساعة مؤنثة ، فجاز الجمع على معنى ساعات الأيام ، وفيه تنبيه على الأمر بالذكر في كل ساعات هذه الأيام ، أو في معظمها ـ لكان جوابا سديدا.
ونظير ذلك الشهر والصيف ، والشتاء ، فإنها يجاب بها عن كم ؛ وكم إنما يجاب عنها بالعدد ؛ وألفاظ هذه الأشياء ليست عددا ؛ وإنما هي أسماء لمعدودات ؛ فكانت جوابا من هذا الوجه.
(فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) : الجمهور على إثبات الهمزة. وقرئ «فلثم» ؛ ووجهها أنه لما خلط «لا» بالإثم حذف الهمزة لشبهها بالألف ؛ ثم حذف ألف «لا» لسكونها وسكون الثاء بعدها.
(لِمَنِ اتَّقى) : خبر مبتدأ محذوف ، تقديره : جواز التعجيل والتأخير لمن اتّقى.
٢٠٤ ـ (مَنْ يُعْجِبُكَ) : من نكرة موصوفة ، و (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) متعلّق بالقول ، والتقدير : في أمور الدنيا.
ويجوز أن يتعلق بيعجبك.
(وَيُشْهِدُ اللهَ) : يجوز أن يكون معطوفا على يعجبك.
ويجوز أن يكون جملة في موضع الحال من الضمير في «يعجبك» ؛ أي يعجبك وهو يشهد الله.
ويجوز أن يكون حالا من الهاء في (قَوْلُهُ) ؛ والعامل فيه القول ، والتقدير : يعجبك أن يقول في أمر الدنيا مقسما على ذلك.
والجمهور على ضمّ الياء وكسر الهاء ونصب اسم الله.
وقرئ بفتح الياء والهاء ورفع اسم الله ، وهو ظاهر.
(وَهُوَ أَلَدُّ) : يجوز أن تكون الجملة صفة معطوفة على «يعجبك».
ويجوز أن تكون حالا معطوفة على «ويشهد».
ويجوز أن تكون حالا من الضمير في يشهد.
و (الْخِصامِ) : هنا جمع خصم ، نحو كعب وكعاب.
ويجوز أن يكون مصدرا ؛ وفي الكلام حذف مضاف ؛ أي أشد ذوي الخصام.
ويجوز أن يكون الخصام هنا مصدرا في معنى اسم الفاعل ، كما يوصف بالمصدر في قولك : رجل عدل وخصم.
ويجوز أن يكون أفعل هاهنا لا للمفاضلة ، فيصح أن يضاف إلى المصدر ، تقديره : وهو شديد الخصومة. ويجوز أن يكون «هو» ضمير المصدر الذي هو «قوله». وقوله خصام ، والتقدير : خصامه ألدّ الخصام.
٢٠٥ ـ (لِيُفْسِدَ) : اللام متعلقة بسعى.
(وَيُهْلِكَ) ـ بضمّ الياء وكسر اللام وفتح الكاف معطوف على يفسد ، هذا هو المشهور.
وقرئ بضمّ الكاف أيضا على الاستئناف ، أو على إضمار مبتدأ ، أي : وهو يهلك.
وقيل : هو معطوف على يعجبك.
وقيل : هو معطوف على معنى سعى ؛ لأنّ التقدير : وإذا تولّى يسعى.
ويقرأ بفتح الياء ، وكسر اللام ، وضمّ الكاف ، ورفع الحرث ؛ والتقدير : ويهلك الحرث بسعيه.
وقرئ بفتح الياء واللام ، وهي لغة ضعيفة جدّا.
و (الْحَرْثَ) : مصدر حرث يحرث ، وهو هاهنا بمعنى المحروث.
(وَالنَّسْلَ) كذلك بمعنى المنسول.
٢٠٦ ـ (الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ) : في موضع نصب على الحال من العزّة ؛ والتقدير : أخذته العزّة ملتبسة بالإثم.
ويجوز أن تكون حالا من الهاء ؛ أي أخذته العزة اثما.