فهو من طينة المؤمنوسنخه الذي قد مزج فيه ؛ لأنّ من سنخ المؤمن وعنصره وطينته اكتساب الحسنات واستعمال الخير واجتناب المآثم ، فإذا عرضت هذه الأعمال كلّها على الله عزوجل قال : أنا عدل لاأجور ، ومنصف لا أظلم ، وحكم لاأحيف ولاأميل ولا أشطط ، ألحقوا الأعمال السيّئة التي اجترحها المؤمن بسنخ الناصب وطينته ، وألحقوا الأعمال الحسنة التي اكتسبها الناصب بسنخ المؤمن وطينته ، ردّوها كلّها إلى أصلها ، فإنّي أنا الله لا إله إلاّ أنا عالم السرّ وأخفى ، وأنا المطّلع على قلوب عبادي لاأحيف ولا أظلم ، ولاألزم أحداً إلاّ ما عرفته منه قبل أن أخلقه».
ثمّ قال الباقر عليهالسلام : «يا إبراهيم ، اقرأ هذه الآية».
قلت : يابن رسول الله ، أيّة آية؟
قال : «قوله تعالى : ( قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَن نَّأْخُذَ إِلَّا مَن وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِندَهُ إِنَّا إِذًا لَّظَالِمُونَ ) (١) ، هو في الظاهر ما تفهمونه ، هو والله في الباطن هذا بعينه ، يا إبراهيم ، إنّ للقرآن ظاهراً وباطناً ، ومحكماً ومتشابهاً ، وناسخاً ومنسوخاً» .
ثمّ قال : «أخبرني يا إبراهيم ، عن الشمس إذا طلعت وبدا شعاعها في البلدان ، أهو بائن من القرص؟» قلت : في حال طلوعه بائن.
قال : «أليس إذا غابت الشمس اتّصل ذلك الشعاع بالقرص حتّى يعود إليه؟» قلت : نعم.
قال : «كذلك يعود كلّ شيء إلى سنخه وجوهره وأصله ، فإذا كان يوم القيامة نزع الله عزوجل سنخ الناصب وطينته مع أثقاله و أوزاره من المؤمن ،
__________________
(١) سورة يوسف ١٢ : ٧٩.