فيلحقها كلّها بالناصب ، وينزع سنخ المؤمن وطينته مع حسناته وأبواب برّه واجتهاده من الناصب ، فيلحقها كلّها بالمؤمن ، أفترى هاهنا ظلماً أوعدواناً ؟» قلت : لا ، يابن رسول الله.
قال : «هذا والله القضاء الفاصل والحكم القاطع ، والعدل البيّن ، ( لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ) (١) ، هذا ياإبراهيم ، ( الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ) (٢) ، هذا من حكم الملكوت».
قلت : يابن رسول الله ، وما حكم الملكوت؟.
قال : «حكم الله وحكم أنبيائه ، وقصّة الخضر وموسى عليهماالسلام حين استصحبه ، فقال : ( قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا * وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَىٰ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا ) (٣) .
افهم ياإبراهيم ، واعقل ، أنكر موسى على الخضر واستفظع أفعاله ، حتّى قال له الخضر : ياموسى ، ما فعلتُه عن أمري إنّما فعلتُه عن أمرالله عزوجل ، من هذا ويحك ياإبراهيم قرآن يتلى ، وأخبار تؤثر عن الله عزوجل ، مَنْ ردّ منها حرفاً فقد كفر وأشرك وردّ على الله عزوجل ».
قال الليثي : فكأنّي لم أعقل الآيات وأنا أقرؤها أربعين سنة إلاّ ذلك اليوم ، فقلت : يابن رسول الله ، ما أعجب هذا تؤخذ حسنات أعدائكم فتردّ على شيعتكم ، وتؤخذ سيّئات محبّيكم فتردّ على مبغضيكم؟!
قال : «إي والله الذي لا إله إلاّ هو ، فالق الحبّة وبارئ النسمة وفاطر
__________________
(١) سورة الأنبياء ٢١ : ٢٣.
(٢) سورة البقرة ٢ : ١٤٧.
(٣) سورة الكهف ١٨ : ٦٧ و٦٨.