ألم اُبيّن لك أمر المزاج والطينتين من القرآن؟» ، قلت : بلى يابن رسول الله ، قال : «اقرأ ياإبراهيم : ( الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ ) ، يعني من الأرض الطيّبة والأرض المنتنة ، ( فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ * هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَىٰ ) (١) يقول : لا يفتخر أحدكم بكثرة صلاته وصيامه وزكاته ونسكه لأنّ الله عزوجلأعلم بمن اتّقى منكم ، فإنّ ذلك من قِبَل اللمم ، وهو المزاج.
أزيدك يا إبراهيم؟» قلت : بلى يابن رسول الله. قال : « ( كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ * فَرِيقًا هَدَىٰ وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ اللَّهِ ) يعني أئمّة الجور دون أئمّة الحقّ ( وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ ) (٢) ، خذها إليك يا أبا إسحاق ، فو الله ، إنّه لمن غررأحاديثنا وباطن سرائرنا ومكنون خزائننا ، وانصرف ولا تطّلع على سرّنا أحداً إلاّ مؤمناً مستبصراً ، فإنّك إن أذعت سرّنا بليت في نفسك ومالك وأهلك وولدك» (٣) (٤) .
__________________
(١) سورة النجم ٥٣ : ٣٢.
(٢) سورة الأعراف ٧ : ٢٩ و٣٠.
(٣) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٥ : ٢٢٨ ـ ٢٣٣ / ٦.
(٤) ورد في حاشية «ج» : اعلم أنّ هذا الخبر وأمثاله ممّا يصعب على القلوب فهمه وعلى العقول إدراكه ، ويمكن أن يكون كناية عمّا علم الله تعالى وقدّره من اختلاط المؤمن والكافر في الدنيا ، واستيلاء أئمّة الضلال وأتباعهم على أئمّة الحقّ وأتباعهم ، وعلم أنّ المؤمنين إنّما يرتكبون الآثام ; لاستيلاء أهل الباطل عليهم ، وعدم تولّي أئمّة الحقّ لسياستهم فيعذرهم بذلك ويعفو عنهم ، ويعذّب أئمّة الجور وأتباعهم بتسبّبهم لجرائم مَنْ خالطهم مع ما يستحقّون من جرائم أنفسهم ، والله يعلم