مذهباً ، إن قاس شيئاً بشيء لم يكذب نظره ، وإن أظلم عليه أمرٌ اكتتم به ؛ لما يعلم من جهل نفسه لكيلا يقال له : لا يعلم .
ثمّ جسر فقضى ، فهو مفتاح عشوات ، ركّاب شبهات ، خبّاط جهالات ، لا يعتذر ممّا لا يعلم فيسلم ، ولا يعضّ في العلم بضرس قاطع فيغنم ، يذري الروايات ذرو الريح الهشيم ، تبكي منه المواريث ، وتصرخ منه الدماء ، يستحلّ بقضائه الفرج الحرام ، ويحرّم بحكمه الفرج الحلال ، لا مليّ بإصدار ما عليه ورد ، ولا هو أهل لما منه فرط من ادّعائه علم الحقّ» ، الخبر ، إلى أن قال عليهالسلام : (١)
«إلى اللّه أشكو من معشر يعيشون جهّالاً ويموتون ضلاّلاً ، ليس فيهم سلعة أبور من الكتاب إذا تلي حقّ تلاوته ، ولا أنفق سلعة منه إذا حرّف عن مواضعه» (٢) ، الخطبة .
والأخبار من هذا القبيل كثيرة تركناها خوفاً من الإطالة من غير ضرورة ، ويأتي بعضها في الأبواب الآتية مع نقل نبذ ممّا صدر من بعض الناس سلفاً وخلفاً من إخفاء ما كان فيه دلالة على الحقّ ، وتحريفه لفظاً ومعنىً ؛ للميل المذكور وغيره ، فانتظر ولا تغفل عنه .
لكن هاهنا رواية صحيحة في حكاية مليحة مناسبة لما نحن فيه ، مع دلالتها على أنّ دأب مخالف الشيعة كان تلك المتابعة الباطلة ، كما هو كذلك اليوم :
__________________
(١) نهج البلاغة : ٥٩ خطبة : ١٧ بتفاوت ، تاريخ اليعقوبي ٢ : ٢١١ ، الكافي ١ : ٤٤ / ٦ ، دعائم الإسلام ١ : ٩٧ ، الإرشاد للمفيد ١ : ٢٣١ ، الاحتجاج ١ : ٦٢١ / ١٤٣ ، نهج السعادة للمحمودي ١ : ٥٢٨ / ١٥٢ بتفاوت يسير .
(٢) نهج البلاغة : ٦٠ ، خطبة ١٧ ، وفيه : ولا سلعة أنفق بيعاً . . . .