ومنها : ما في كتاب الخوارزمي : أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله قال لعليّ عليهالسلام : «اتّق الضغائن التي لك في صُدور من لا يُظهرها إلاّ بعد موتي» ثمّ بكى صلىاللهعليهوآله ، وقال : «أخبرني جبرئيل أنّهم يظلمونه ، ويمنعونه حقّه ، ويقاتلونه ويقتلون ولده ويظلمونهم بعده ، وأخبرني أنّ ذلك يزول إذا قام قائمهم ، وعلت كلمتهم ، واجتمعت الاُمّة على محبّتهم وكان الشانئ لهم قليلاً» (١) ، الخبر .
وسيأتي في فصل الآيات ـ وهو الفصل التاسع من المقالة الثانية عشرة من المقصد الأوّل ـ عند ذكر قوله تعالى : ( وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ ) (٢) حديث من طريق المخالفين ، بأنّ جميع اُمم الأنبياء كآدم ، ونوح ، وإبراهيم ، وموسى ، وعيسى عليهمالسلام ما وفوا بعهد أنبيائهم في تعيين أوصيائهم ، وأنّ هذه الاُمّة أيضاً تسلك مسلكهم ولا تُوفي بوصيّ رسول اللّه صلىاللهعليهوآله ، أي : عليّاً عليهالسلام ، لينظر في الحديث .
وإذ قد تبيَّن هذا كلّه ، فنقول : إذ كان عليّ عليهالسلام نظير هارون ، فجميع الذين تركوا مبايعته بعد وفاة النبيّ صلىاللهعليهوآله ـ الذي هو بمنزلة زمان غيبة موسى عليهالسلام للمناجاة ـ واتّخذوا من لم يأمرهم النبيّ صلىاللهعليهوآله إماماً ومطاعاً ، زاعمين كون إطاعته أحقّ من إطاعة عليّ عليهالسلام ـ الذي نصّ النبيّ على منزلته المذكورة ـ بمحض اختيار جماعة إيّاه عليه ، فهم نظراء عُبّاد العجل من بني إسرائيل .
ولا يندفع هذا باجتماع عامّة الاُمّة على ذلك الاتّخاذ ، بل إنّما هو من شواهد الانطباق ؛ ضرورة أنّ قوم موسى عليهالسلام أيضاً هكذا فعلوا ، كما ينادي به قول هارون عليهالسلام : ( إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي ) (٣) .
__________________
(١) المناقب للخوارزمي : ٦٢ / ٣١ ضمن الحديث .
(٢) سورة البقرة ٢ : ٤٠ .
(٣) سورة الأعراف ٧ : ١٥٠ .