أمـا المقـدّمة
ففي بيان (جريان عادة اللّه بامتحان العباد ، وذكر) (١) نبذ من أعاظم ما امتحن اللّه به الخلائق في هذه الدنيا ممّا لبيانه مدخل في توضيح جمّة من مقدّمات دليلنا هذا ، بل سائر الأدلّة أيضاً ؛ بحيث كان كلّ واحد كالمبادئ لها ، وكذا في كشف كثير من الشبه التي أوهمت جمهور المخالفين ، بحيث منعتهم عن فهم ما هو الحقّ ، وقبول (٢) مفاد الأدلّة ، بل عن التوجه إليها ، كما سيظهر ممّا سيأتي في المقصد الثاني .
وذلك لأنّ حكمة اللّه عزوجل اقتضت ، ومصلحته دعت إلى أن يمتحن خلقه المكلّفين بالدين ببعض أنواع الامتحان ، وأصناف الابتلاء والاختبار ليتميّز به الأخيار والأشرار ، ويكون في ذلك زيادة أجر المطيع ، وإتمام حجّة على العاصي ، وقد خفي ذلك على كثير من الناس ، فوقعوا بسبب ذلك في غفلات وشبهات ، فلابُدّ من تبيين ذلك أوّلاً ، وهو في ضمن تبيان ، وخمسة أبواب :
أمّا التبيان : ففي توضيح أنّ اللّه عزوجل لم يخلق هذا الخلق عبثاً ، ولم يتركهم سدىً ، بل فطرهم على معرفته ، وخلقهم لأجل
__________________
(١) ما بين القوسين لم يرد في «م» .
(٢) في «م» زيادة : ما هو .