الفصل الأوّل
في بيان جمل ممّا يدلّ على شيوع هذه الحالات وابتلاء عامّة الناس بها في جميع الاُمم السابقة واللاحقة ، من زمان آدم عليهالسلام إلى قيام الساعة ، حتّى أهل عصر النبيّ صلىاللهعليهوآله ، وكذا من بعدهم ، وذكر ما يدلّ على كون تلك الحالات من صفات أهل السوء منهم والأشرار دون الأخيار .
لا يخفى على كلّ ذي مسكة أنّ ظهور هذا المدّعى ، بحيث ينادي بأنّه أمر لا حاجة له إلى برهان ، بل ولا إلى مزيد بيان ؛ لأنّه شاع وذاع في الأزمان والأصقاع ، بحيث صار من قبيل المحسوسات والمشاهدات ، بل بزيادة الشيوع وارتفاع قبح الوقوع صار من أعظم المتعارفات .
ألا ترى حال هذا العالم الجمهور (١) المشغولين بالفسق والفجور ، والمشّائين بشهادة الزور ، أتباع الجائرين ، وأعوان الظالمين ، الحلال عندهم ما حلّ بساحتهم ، والسفيه بينهم من منعهم عن سفاهتهم ؟
ألا سمعت حكاية قابيل وما فعل بأخيه هابيل ، وهو أوّل أولاد أبي البشر ، وقد أوقعه الهوى والحسد في مثل ذلك الشرّ ؟
__________________
(١) كذا في النسخ ، والظاهر : جمهور هذا العالم .