( ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) (١) وقال سُبحانه لموسى عليهالسلام : ( فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ ) (٢) .
وكنت قد ظفرت أيضاً في خزائن علوم أهل بيت العصمة والطهارة ، وكنوز رموز حكمهم على دليل متين ، وأصل أصيل ما سمحت به أفكار السلف ، ولا أتت بمثله أبكار (٣) الخلف ، فائح العلم ، واضح الفهم ، بيّن الدلالة ، مسلّمة مقدماته ، بل معلومة بالبداهة ، مطابقاً لما ورد في محكمات القرآن وما نقله الفريقان عن منابع العلم والعرفان ، مع كونه مشتملاً على اُمّهات سائر الدلائل ، كاشفاً عن مشكلات كثير من المسائل .
هذا ، مع أنّي كنت أيضاً قد اطّلعت على كثير من الأشياء التي ذكرها المخالفون في كتبهم ، وهي من شواهد صحّة ما ادّعاه الإماميّة على سلفهم ، وكأنّهم ذكروها غفلة من غير تفطّنهم بكونها حجّة عليهم .
فعزمت حينئذٍ مستعيناً بتوفيق اللّه وحسن تأييده على تأليف هذا الكتاب المسطور على غير النهج الذي ذكرنا أنّه عادة الجمهور ، مشتملاً على الدليل المذكور ، بحيث يتضمّن سائر الأدلّة ممّا هو المشهور ، فجعلت هذا الدليل أصل مبنى وضع الكتاب ، ومناط الاستدلال فيه ، لكن بحيث يمكن إلحاق غيره من الأدلّة به ، ورتّبت بعض مقدماته على بعض ، بحيث يستلزم ثبوت كلّ مقدّمة سابقة ثبوت اللاّحقة ، وترتّبها عليها ، ومع هذا جعلت لكلّ مقدّمة منه مقالة ذكرتها فيها مع ما يشهد بصحّة ما في متونها ،
__________________
(١) سورة المؤمنون ٢٣ : ٩٦.
(٢) سورة طه ٢٠ : ٤٤ .
(٣) الأحداث ، وأبكار النحل : أفراخها ، وبِكر الرجل : أوّل وَلَده . انظر النهاية لابن الاثير ١ : ١٤٩ ـ بكر.