ذكرنا وجوب حبّهم في قلبه ، صحابيّاً كان أو غيره ؛ لما سيظهر ممّا يأتي من وجود غير الخيّر في الصحابي أيضاً .
وثانيها : اتّباع أوامر اللّه ورسوله صلىاللهعليهوآله ، ومتابعة هؤلاء الذين بيّنّا وجوب محبّتهم ، واكتساب حالتهم ، واقتفاء آثارهم ، والاقتداء بأطوارهم ، وترك مخالفتهم ، بل اجتناب ما فيه استشمام كراهتهم ؛ ضرورة أنّه من أحبّ قوماً اكتسب أحوالهم واتّبع آثارهم ، ولم يرض إلاّ بما فيه رضاهم ، كما هو المجرَّب المتعارف أيضاً .
ونعم ما قال من قال ـ كما نقل السخاوي وغيره ـ : اعلم أنّك لن تلحق بالأخيار حتّى تتّبع آثارهم ، وحتّى تأخذ بهديهم وتقتدي بسنّتهم ، وتصبح وتمسي على منهاجهم حرصاً على أن تكون منهم ، ثمّ ذكر شعراً :پ
تَعصِي الإلهَ وأنتَ تُظهرُ حُبَّهَ |
|
هذا لَعمري في القياس بدَيعُ |
لَوّ كانَ حُبُّكَ صَادِقاً لأَطَعتَهُ |
|
إنّ المُحِبَّ لِمَن يُحبُّ مُطيع (١) |
قال : ومنه قوله تعالى : ( وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَىٰ نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ) (٢) (٣) ، وسيأتي لهذا زيادة توضيح .
وثالثها : بغض أعداء اللّه ورسوله صلىاللهعليهوآله ومخالفيهما سرّاً أو جهاراً كالذين لم يأتمروا بأوامرهما ولم يستنّوا بسنّتهما ، واتّبعوا الأهواء وتمسّكوا بالآراء ، لاسيّما الذين نبذوا كتاب اللّه وراء ظهورهم ، ولم يعبأوا بما جاء به نبيّهم ، فعادوا أولياءه ووالوا أعداءه ، وظلموا أهل بيته ، وحملوا الناس على
__________________
(١) وردت الأبيات في ديوان محمود بن الحسن الورّاق : ١٩٠ ، وديوان ذي الرمّة ٢ : ٣٤٥ ، وديوان النابغة الذبياني : ٢٣١ ، وأيضاً في شعر الشافعي : ٢٨٦ ، وقد نسبه الغزالي في إحياء علوم الدين لابن المبارك ٤ : ٣٣١ .
(٢) سورة المائدة ٥ : ١٨ .
(٣) المقاصد الحسنة : ٤٤٦ .