الفـصل الثالث
في بيان ما هو من متفرّعات هذا الباب ، من لزوم الحبّ في اللّه ، والبغض للّه ، وموالاة أولياء اللّه ، ومعاداة أعدائه ، ونصرة دينه وإن كان ذلك مخالفاً لمقتضى الحميّة العاديّة وحبّ الآباء والأقرباء .
وذلك لأنّ الإنسان إذا صفت نيّته ، وأخلص العمل لربّه ، وأخرج شوائب الباطل من قلبه يدعوه ذلك إلى أن يحبّ اللّه ويحبّ محبوبه من أوامره ودينه ومحبّيه ، ومطيعيه المؤتمرين بأمره ، المستنّين بسنّته ، المتمسّكين بحبله ، لاسيّما المروّجين للدين ، والهداة المهديّين ، والمجاهدين في نصرة الحقّ المبين كالأنبياء والمرسلين ، والأوصياء والصدّيقين ، والعلماء والناصحين ، والشهداء والصالحين ؛ ضرورة أنّ كلاًّ يميل إلى جنسه ، ويحبّ من هو من سنخه ، وحيثما ازدادت المناسبة زادت الرغبة والمحبّة ، والمؤمنون كلّهم من سنخ واحد ومن طينة واحدة ، كما أنّ الكفّار والفسّاق والمنافقين أيضاً كذلك ، والمناسبة بينهم وبين الشياطين لذلك ، كما ورد في الأخبار (١) وجرّبه الأخيار .
وقد قال اللّه عزوجل : ( وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا ) (٢) .
__________________
(١) انظر : الكافي ٢ : ٢ (باب طينة المؤمن والكافر) .
(٢) سورة آل عمران ٣ : ١٠٣ .