قال عليهالسلام : «إنّ هذه الدار دار ابتلاء ، ومتجر الثواب ، ومكتسب الرحمة ، ملئت آفات ، وطبقت شهوات ؛ ليختبر بها عبيده بالطاعة ، فلا يكون دار عمل دار جزاء» .
قال : فأخبرني عن اللّه كيف لم يخلق الخلق كلّهم مطيعين موحّدين وكان على ذلك قادراً ؟
قال عليهالسلام : «لو خلقهم مطيعين لم يكن لهم ثواب ؛ لأنّ الطاعة إذا ما كانت من فعلهم لم تكن جنّة ولا نار ، ولكن خلق خلقه فأمرهم بطاعته ، ونهاهم عن معصيته ، واحتجّ عليهم برسله ، وقطع عذرهم بكتبه ؛ ليكونوا هم الذين يطيعون ويعصون ، ويستوجبون بطاعتهم [له (١) ] الثواب وبمعصيتهم [ إياه (٢) ] العقاب ، وما نهاهم اللّه عن شيء إلاّ وقد علم أنّهم يطيقون تركه ، ولا أمرهم بشيء إلاّ وقد علم أنّهم يستطيعون فعله ، فمن خلقه اللّه كافراً ، يستطيع الإيمان وله عليه بتركه الإيمان حجّة» .
ثمّ قال عليهالسلام : «وإنّ اللّه عزوجل اختار من ولد آدم اُناساً فطهّر ميلادهم ، وطيّب أبدانهم ، أخرج منهم الأنبياء والرسل ، فهم أزكى فروع آدم ، ما فعل ذلك لأمر استحقّوه من اللّه ، ولكن علم منهم حين ذرأهم أنّهم يطيعونه ويعبدونه ولا يشركون به شيئاً ، فهؤلاء بالطاعة نالوا من اللّه الكرامة والمنزلة الرفيعة عنده ، وهؤلاء الذين لهم الشرف والفضل والحسب ، وسائر الناس سواء ، ألا من اتّقى اللّه أكرمه ، ومن أطاعه أحبّه ، ومن أحبّه لم يعذّبه بالنار» .
ثمّ قال عليهالسلام أيضاً : «وإنّ الأرض لا تخلو من حجّة ، ولا تكون الحجّة إلاّ من عقب الأنبياء ، ما بعث اللّه نبيّاً قطّ من غير نسل الأنبياء .
__________________
(١و٢) أضفناها من المصدر .