وظاهر أيضاً أنّ في الفرقة الناجية علماء وغير علماء ، وأنّ الثاني أكثر ، وأنّ العلماء فيهم العاملون العابدون وغيرهم ، ولا شكّ أنّ الأوّلين هم الأقلّون ، وهكذا العاملون فيهم الموقنون المخلصون وغيرهم ، والأخيرون أكثر ، وكذلك غير العلماء على أصناف ومراتب عديدة ، بحيث يشاهد أنّ أعلاها أقلّ ؛ ولهذا ورد في الحديث ـ ومعلوم أيضاً ـ أنّ الإيمان على مراتب بحسب الشدّة والضعف وتحقّق الشرائط (١) ، حتّى في الروايات أنّه على عشر درجات (٢) .
وبالجملة : من الواضحات البيّنة أنّ النفيس من كلّ شيء ـ حتّى في غير الإنسان أيضاً ـ أعزّ وجوداً وأقلّ عدداً من أدنى منه رتبةً ، وجميع ما ذكر كلّه شاهد صدق على أن لا اعتماد على الكثرة ، ولا اعتناء بشأن أكثر الناس ، ولا بما مضوا عليه واشتهر عندهم بغير مستندٍ آخَر ، ولهذا قيل : كم من مشهور لا أصل له ، بل ربّما أمكن في بعض الأشياء أن يجعل الاشتهار قرينة عدم الحقيقة ، فافهم .
ولنختم هذا الفصل بذكر خلاصة أحاديث واردة في أصناف الناس :
قال الصادق عليهالسلام : «الناس على ستّ فِرَق ، يؤلون كلّهم إلى ثلاث فِرَق : الإيمان ، والكفر ، والضلال» ، ثمّ ذكر تلك الفِرَق بما حاصله أنّ :
الاُولى : أهل الوعد بالجنّة ، وهم المؤمنون ، أي : من آمن باللّه
__________________
انظر : الكافي ٨ : ٢٢٤ / ٢٨٣ ، الخصال ٢ : ٥٨٥ / ١١ ، كمال الدين : ٦٦٢ ، كفاية الأثر : ١٥٥ ، العمدة لابن البطريق ٧٢ ـ ٧٤ / ٨٩ ، الطرائف ٢ : ٧٤ ، سعد السعود : ٥٩٧ ، غوالي اللآلي ٤ : ٦٥ / ٢٣ ، سنن الترمذي ٥ : ٢٦ / ٢٦٤١ ، كنز العمّال ١ : ٣٧٨ / ١٦٤٣ .
(١ و٢) الكافي ٢ : ٣٥ / ١ و٢ (باب درجات الإيمان) و٣٧ / ١ ـ ٤ ، (باب آخر منه) ، الخصال : ٤٤٧ و٤٤٨ / ٤٨ و٤٩ ، روضة الواعظين : ٢٨٠ ، بحار الأنوار ٢٢ : ٣٤١ / ٥٢ .