الفصل الثالث
في توضيح ما يدلّ على خصوص النهي عن تلك الحالات التي ذكرنا الامتحان بها في الباب ، والتشديد في تركها بناءً على كونها منبع الفتن والفساد ، لاسيّما في الدين ، حتّى أنّ منها كان سبب عداوة الشيطان لآدم ، وكذا هي سبب التعادي والتحاسد في كلّ زمان ، بل هي داء دفين في قلب كلّ شخص إلاّ من رحمهالله بالعصمة والتوفيق ، وأنّه لأجل هذا ورد النهي مع التهديد عنها كثيراً ، وألزم اللّه الناس بالجهد في إزالتها ، وتزكية النفس عنها جدّاً ، وقرّر لها تأديبات وتعزيرات ، وقراراً وحدّاً (١) ، حتّى أنّه لم يكتف بذلك بل جعل الأنبياء والاُمراء من جانبه مبشّرين ومنذرين ومؤدّبين لأجل رفع هذه الأشياء أيضاً .
وبالجملة : نذكر هاهنا ما يدلّ على أمثال هذه الأشياء ، ويشتمل على المواعظ الشافية :
قد تقدّم في ما مضى آنفاً من الفصلين وغيرهما ما لا حاجة معه إلى تطويل الكلام في هذا المقام ، وسيأتي أيضاً في الفصول الآتية ، لاسيّما في الباب الرابع كثيراً ، بل كفى هاهنا ما يجده الإنسان في نفسه من رغبته الجبلّيّة إلى المشتهيات الدنيويّة ، وابتلائه لأجلها بالمساوئ الدنيئة ، كالحسد
__________________
(١) في نسخة «ن» : وقراراً واحداً .