وقد ورد في الحديث ـ كما يأتي في محلّه ـ أنّ عليّاً عليهالسلام أيضاً توجّه أيّام السقيفة إلى قبر النبيّ صلىاللهعليهوآله وخاطبه شاكياً بهذه الآية (١) .
ولا يخفى أنّه على هذا تكون ضلالة هذه الاُمّة أشدّ ؛ لأنّ بني إسرائيل رجعوا أخيراً وهؤلاء لم يرجعوا ؛ ضرورة أنّ بيعتهم لعليّ عليهالسلام بعد عثمان إنّما كانت على الترتيب والتشريك .
ثمّ إنّ هذا ليس مختصّاً بحكاية السقيفة ، بل يمكن التطبيق على حكاية الجَمل ومعاوية أيضاً ، كما هو ظاهر ، إلاّ أنّ تطبيق أمر السقيفة أوفق ؛ لعدم محاربة هارون عليهالسلام أصحاب العجل ، بل تمسّك بالصبر والسكوت بعد إيضاح النصيحة لهم وعدم قبولهم منه .
وأمّا حكاية الجمل فهي بعينها مثل ما فعل بعض أصحاب موسى بيوشع بن نون وصيّ موسى عليهالسلام ؛ حيث إنّهم ـ كما هو مذكور في كتب اليهود أيضاً ـ خالفوا يوشع بن نون بعد ما تمكّن على أمره ، فأخرجوا صفوراء امرأة موسى عليهالسلام ـ حيث كانت معتبرة عند بني إسرائيل أيضاً ـ معهم ، ونازعوه بالمحاربة ، فقاتلهم حتّى غلب عليهم ولزم صفوراء وأرسلها إلى مسكنها ، وقال لها : سأشكو عليك عند موسى عليهالسلام يوم القيامة ، حتّى أنّ في بعض الكتب وقع التصريح بأنّ ذلك كان بعد أن تقدّم على يوشع ـ بدون أمر موسى عليهالسلام ، بل بقوّة بني إسرائيل ـ بعض قومه (٢) .
وقد اتّفق اليهود أيضاً على أنّ الوصاية انتقلت بعد يوشع بأمر موسى عليهالسلام ، وتسليم يوشع إلى شُبّر ، ثمّ إلى شبير ابني هارون عليهالسلام ، ثمّ
__________________
(١) انظر : تفسير العيّاشي ٢ : ٢٠٤ / ١٧٥٦ ـ ٧٦ ضمن الحديث ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١١ : ١١١ .
(٢) انظر : بشارة المصطفى : ٤٢٨ / ٩ .