وقال الصادق عليهالسلام : «لا يتخاصم إلاّ شاكّ [في دينه (١) ] ، أو من لا ورع له» (٢) . وفي رواية : «إلاّ من [قد (٣) ] ضاق بما في صدره» (٤) .
الثاني : أن يوقف نفسه بموقف يأمن فيه عن أن يزلق ـ بسبب ما في صميم قلبه من الميل والهوى ـ في مهوى الباطل والردى ولو غفلة من حيث لا يشعر ، وذلك بأن يجعل أوّلاً طرفي المسألة التي يريد تحقيقها متساويين عنده نفياً وإثباتاً ، ثمّ يتوجّه إلى ملاحظة الدليل ومتابعة المدلول ، كما مدح اللّه صاحب هذه الحالة بقوله عزوجل : ( الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ) (٥) .
ولكن لا يخفى أنّ تحصيل هذه الحالة كما ينبغي في غاية الإشكال ونهاية الإعضال ، بحيث ربّما يزعم الإنسان الساعي في ذلك أنّه حصّلها وهـو بعد لم يحصل شيئاً منها ، فإنّه موقوف على اُمور عسرة الحصول جدّاً .
منها : خلوص النيّة في التحصيل ، بحيث لا يكون مقصوده في ذلك غير ما يوجب رضا اللّه سبحانه واستحقاق الجنّة وإن استلزم ذلاًّ في الدنيا ومخالفة أهلها ، بل مخالفة عامّة الناس ، بل حتّى كثير من الخواص ، كما قال سبحانه : ( وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ) (٦) .
ومنها : ما هو من أسباب هذا الخلوص أيضاً ، أي : إزالة الميل الذي
__________________
(١) ما بين المعقوفين من المصدر .
(٢) أصل مثنى بن الوليد الحناط (ضمن الأصول الستة عشر) : ١٠٢ بتفاوت يسير .
(٣) ما بين المعقوفين من المصدر .
(٤) التوحيد : ٤٦١ /٣٥ .
(٥) سورة الزمر ٣٩ : ١٨ .
(٦) سورة سبأ ٣٤ : ١٣ .