تلك الحالات والنهي عنها ممّا يناسب المقام ، ولا يطول به الكلام .
وأمّا الآيات : فهي وإن كانت كثيرة أيضاً إلاّ أنّه قد ذكرنا فيما مضى ، لا سيّما في الفصلين الأخيرين ما يكفي هاهنا ، بل يزيد جدّاً ، ولقد كفى قوله عزوجل : ( أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّىٰ * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّىٰ * بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ * إِنَّ هَٰذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَىٰ * صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ ) (١) ، وقوله عزوجل : ( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ) (٢) .
ففي الحديث إنّ لُقمان قال لابنه : «يا بنيّ ، تواضع للحقّ تكن أعقل الناس ، فإنّ الكيّس لدى الحقّ يسير ، وإنّ الدنيا بحر عميق ، قد غرق فيها عالم كثير ، فلتكن سفينتك فيها تقوى اللّه ، وحشوها الإيمان ، وشراعها التوكّل ، وقيّمها العقل ، ودليلها العلم ، وسكّانها الصبر» .
وفيه : «كفى بك جهلاً أن تركب ما نهيت عنه» .
وفيه : «إنّ العاقل رضي بالدُّون من الدنيا مع الحكمة ، ولم يرض بالدُّون من الحكمة مع الدنيا» .
وفيه : «إنّ القلوب تزيغ وتعود إلى عماها ورداها ، إنّه لم يخف اللّه مَنْ لَمْ يعقل عن اللّه ، ومن لم يعقل عن اللّه لم يعقد قلبه على معرفة ثابتة يبصرها ويجد حقيقتها في قلبه ، ولا يكون أحد كذلك إلاّ مَنْ كان قوله لفعله مصدّقاً ، وسرّه لعلانيته موافقاً» (٣) .
وفيه : «من خاف العاقبة تثبّت عن التوغّل فيما لا يعلم ، ومن هجم
__________________
(١) سورة الأعلى ٨٧ : ١٤ ـ ١٩ .
(٢) سورة الشمس ٩١ : ٩ ـ ١٠ .
(٣) الكافي ١ : ١٣ ـ ١٤ / ١٢ (كتاب العقل والجهل) قطعة من الحديث .