الفصل الثاني
في بيان اقتضاء الحكمة ابتلاء أولياء اللّه في الدنيا وأهل طاعته ـ المتمسّكين بالحقّ واليقين ـ بالمصائب ، والمتاعب ، والخوف ، والأذى من الجهّال وأعداء الدين ، وكونهم في أغلب الأوقات مقهورين ، وبين الناس في أكثر الحالات مستضعفين ، لاسيّما الأنبياء والأوصياء والصالحين ؛ بحيث كلّما زادت رتبة شخص في العقبى زاد بلاءً وعناءً في الدنيا ، وفيه ذكر نبذ من مناقب هؤلاء وعظيم أجرهم وقربهم عند اللّه عزوجل .
اعلم أنّه قد تبيّن السرّ في ذلك والحكمة فيه ممّا ذكرناه في ابتداء ما مرّ من الفصل السابق عليه ، فلا حاجة إلى الإعادة مع وضوح استلزام ما مرّ في ذلك الفصل من غلبة أهل الباطل ، وتوجّه الدنيا إليهم ، وعكس ذلك بالنسبة إلى أهل الحقّ ، فافهم .
ولنذكر هاهنا بعض الآيات والروايات الواردة فيه :
قال اللّه عزوجل : ( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ) (١) .
__________________
(١) سورة البقرة ٢ : ١٥٥ ـ ١٥٧ .