القرآن .
الثامن : ما رواه أيضاً جماعة منهم الطبرسي (١) في احتجاجه ، عن أمير المؤمنين عليهالسلام في جواب الزنديق الذي سأله عن مسائل كثيرة ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة .
قال عليهالسلام في موضع منه : «لا تنفع الصلاة ولا الصدقة إلاّ مع الاهتداء إلى سبيل النجاة وطرق الحقّ ، وقد قطع اللّه عذر عباده بتبيين آياته وإرسال رسله ؛ لئلاّ يكون للناس على اللّه حجّة بعد الرسل ، ولم يُخْلِ أرضه من عالم بما تحتاج الخليقة إليه ، ومتعلّم على سبيل نجاة ، اُولئك هم الأقلّون عدداً .
وقد بيّن اللّه ذلك في اُمم الأنبياء وجعلهم مثلاً لِمَن تأخّر ، مثل قوله في قوم نوح : ( وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ ) (٢) ، وقوله فيمن آمن من اُمّة موسى عليهالسلام : ( وَمِنْ قَوْمِ مُوسَىٰ أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ ) (٣) ، وقوله في حواري عيسى عليهالسلام ، حيث قال لسائر بني إسرائيل : ( مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ) (٤) يعني بأنّهم مسلّمون لأهل الفضل فضلهم ولا يستكبرون عن أمر ربّهم ، فما أجابه منهم إلاّ الحواريّون .
__________________
(١) هو أحمد بن عليّ بن أبي طالب المعروف بالطبرسي ، يكنّى أبا منصور ، كان فقيهاً محدّثاً متكلّماً نسّاباً ، ومن أجلاّء العلماء ومشاهير الفضلاء في القرن السادس ، له كتب كثيرة وكلّها نافعة جيّدة منها : الاحتجاج ، وقد أثنى السيد ابن طاووس على الكتاب وعلى مؤلّفه ، ومنها : تاريخ الأئمّة عليهمالسلام وفضائل الزهراء عليهاالسلام .
انظر : رياض العلماء ١ : ٤٨ ، أعيان الشيعة ٣ : ٢٩ ، هدية الأحباب : ١٩٤ .
(٢) سورة هود ١١ : ٤٠ .
(٣) سورة الأعراف ٧ : ١٥٩ .
(٤) سورة آل عمران ٣ : ٥٢ .