ألا ترى إلى قوم نوح وصالح وهود ولم يؤمن بهم إلاّ أقلّ قليل ، وقد أفسد الباقون ، بحيث أزالهم اللّه جميعاً ؟
ألا ترى إلى إبراهيم عليهالسلام إنّه كان اُمّة وحده (١) ، ثمّ آمن به لوط وبعثه إلى قومه (٢) ، فلم يوجد فيهم غير بيت من المسلمين ؟
ألا ترى إلى قوم فرعون لم يكن فيهم إلاّ مؤمن واحد وامرأة فرعون ؟ وإلى بني إسرائيل كيف عبدوا العجل إلاّ هارون وقليل معه ، وأخذ موسى عليهالسلام معه إلى الطور سبعين رجلاً منتخبين من سبعين ألفاً ، فلم يجدهم إلاّ منافقين بأجمعهم ؟
ألا ترى إلى جنود طالوت كيف خالفوه إلاّ قليل منهم ؟ وهلمّ جرّاً إلى هذه الاُمّة ، فانظر كيف لم يؤمن بالنبيّ صلىاللهعليهوآله من قومه إلاّ من هو كقطرة من البحر ؟
ثمّ الذين أقرّوا به وادّعوا الإطاعة والإخلاص له وبايعوه على الموت ، لاسيّما في بيعة الشجرة ، كيف هربوا في أكثر الحروب ، لاسيّما حرب أُحد وحنين بحيث تركوه في شرذمة قليلة جدّاً ؟!!
ثمّ حكاية تركهم قرّة عين الرسول وفِلْذة كبد البتول ، وسيّد شباب أهل الجنّة في أقلّ قليل من بين العالم الذين كاتبوه وطلبوه ، بل ومن بين كثير من المهاجرين والأنصار والتابعين ، والذين خرجوا معه من اُمّة جدّه ومدّعي محبّته ، ثمّ تركوه ، حتّى أنّ جماعة منهم لم يكتفوا بالترك أيضاً ، حتّى أنّهم قاتلوه فقتلوه وسبوا بنات رسول اللّه صلىاللهعليهوآله كالشمس في رابعة النهار.
__________________
(١) في «م» : واحدة .
(٢) في نسخة «ش» : قوم .