ويتبيّن منه أشياء :
أحدها : أنّه لابدّ ما دام زمان التكليف أن يكون في كلّ عصر سفير بين اللّه وبين خلقه من الأنبياء والأوصياء ؛ ليعبّر ما احتاجوا إليه عنه إليهم ، ويدلّهم على مصالحهم ممّا خلقوا لأجله .
وثانيها : أن يكون ذلك السفير كاملاً في العلم والعمل والتقوى وسائر الكمالات ، فائقاً على جميع أهل عصره من كلّ الجهات ، منزّهاً عن الجهل والرذالات ، مؤدّباً بآداب اللّه ، مؤيّداً من طرف اللّه ، بحيث لا يتطرّق إليه الخطأ والزلل ، ولم يصل إليه غيره في العلم والعمل .
وثالثها : أن يكون أصل بعثته وتعيينه من طرف اللّه مستثنىً باصطفاء اللّه ، ممتازاً بالاختيار من اللّه .
ورابعها : أن يكون مدّعياً لذلك بالأدلّة والبراهين والآيات ، من النصّ والكرامات والمعجزات ، حتّى يُتمّ الحجّة على العباد ولا يكون لهم عذر عند العقاب في المعاد .
وممّا يدلّ على صدق هذا المقال ما سيظهر ـ إن شاء اللّه تعالى ـ من أنّ جميع الأنبياء وأوصيائهم كانوا كذلك ، وأنّ الأرض لم تكن خاليةً ـ كما ورد التصريح به هاهنا أيضاً ـ من حجّة مفروض الطاعة .
نعم ، من ترك التمسّك بالعترة الأطهار اشتبه عليه الأمر فوقع في الإنكار ، وجاز عنده خرق هذه العادة فيما بعد النبيّ المختار ، فتأمّل .
الثاني : ما رواه هؤلاء المشايخ أيضاً عن يونس بن يعقوب (١) قال :
__________________
(١) يونس بن يعقوب بن قيس ، أبو علي الجلاب البجليّ الكوفي ، من أصحاب الصادق والكاظم والرضا عليهمالسلام ، ولا خلاف في وثاقته ، ولمّا توفّي في المدينة بعث