عن هشام بن الحكم (١) أنّه قال : أتى زنديق إلى أبي عبداللّه جعفر بن محمّد الصادق عليهماالسلام ، فسأله عن مسائل في التوحيد وصفات اللّه عزوجل ، وفاز بأجوبة شافية ، حتّى انجرّ الكلام إلى أن سأله ، فقال : من أين أثبتّ الأنبياء والرسل ؟
فقال عليهالسلام : «إنّا لمّا أثبتنا أنّ لنا خالقاً صانعاً متعالياً عنّا وعن جميع ما خلق ، وكان ذلك الصانع حكيماً متعالياً لم يجز أن يشاهده خلقه ويُلامسوه ، فيباشرهم ويباشروه ، ويحاجّهم ويحاجّوه ، ثبت أنّ له سفراء في خلقه يعبّرون عنه إلى خلقه وعباده ، ويدلّونهم على مصالحهم ومنافعهم ، وما به بقاؤهم وفي تركه فناؤهم ، فثبت الآمرون والناهون عن الحكيم العليم في خلقه ، والمعبّرون عنه جلّ وعزّ ، وهم الأنبياء عليهمالسلام وصفوته من خلقه ، حكماء مؤدَّبين بالحكمة مبعوثين بها غير مشاركين للناس على مشاركتهم لهم في الخلق والتركيب في شيء من أحوالهم ، مؤيَّدين من عند الحكيم العليم بالحكمة .
ثمّ ثبت ذلك في كلّ دهرٍ (٢) وزمان ممّا أتت به الرسل والأنبياء من الدلائل والبراهين ؛ لكيلا تخلو أرض اللّه من حجّة يكون معه عِلم يدلّ على صدق مقالته وجواز عدالته» (٣) الخبر .
__________________
(١) يكنّى أبا محمّد وأبا الحكم ، وأصله كوفي ، من أصحاب أبي عبداللّه جعفر بن محمّد الصادق عليهماالسلام ، كان فقيهاً وحاذقاً بصناعة الكلام ، وروى عنه أحاديث كثيرة ، وله كتب منها : كتاب الإمامة ، والدلالات على حدوث الأشياء ، والردّ على الزنادقة ، وتوفّي سنة ١٧٩ هـ بالكوفة في أيام الرشيد .
انظر : رجال الكشي : ٢٥٥ / ٤٧٥ ، أعيان الشيعة ١٠ / ٢٦٤ ، مجمع الرجال ٦ : ٢١٦ و٢٣٢ .
(٢) من هنا إلى صفحة ٢٠ هامش (٢) سقط في «م» .
(٣) الكافي ١ : ١٢٨ / ١ (باب الاضطرار إلى الحجة) .