على حقائق طريقة الفرقة المحقّة ، ولا على كتبهم وتصانيفهم ، حيث استقر أمرهم ـ كما مرّ ـ على عدم تحصيلها وترك النظر إليها ، حتّى أنّهم قد ينسبون إلى فرقةٍ ما هو قول اُخرى ، بل كثيراً ما طعنوا على الفرقة المحقّة بباطلٍ قاله غيرهم ، كما سنبيّن بعض ذلك في هذا الكتاب.
ولقد كفى شاهداً على ذلك أنّ مبنى اعتماد أكثرهم في ذكر قول الخصم وإبطاله على كتاب الصواعق وأمثاله ، وليس في ذلك ما سوى شتم الشيعة ، والطعن عليهم ، ونسبة الحمق والسفه والكذب إليهم بلا دليل كاشف عن ادّعائهم ، بل بمحض التوهّم واشتهائهم حيث رسخ في قلوبهم أنّ هؤلاء يعادون أجلّة الصحابة ، وهو بمعزل عن الحقّ ، بل محض الفرية ، وفي كمال السخافة ؛ لأنّهم لا يعادون إلاّ من ثبت عندهم أنّه من أعداء محمّد وآله صلىاللهعليهوآله ، صحابيّاً كان أم غيره ، وسيأتي ، كما هو واضح أيضاً وجود الأخبار في الصحابة والأشرار ، وبيان حال كلّ واحد ، فانتظر .
الثالث : أن يجتهد في تحصيل قوّة تمييز ، وجودة بصيرة ، وصفاء ذهن يعرف بها نور الحقّ من ظلمة الباطل ، بحيث لا يشتبه عليه الشبهة بالدليل والصحيح بالعليل ، فإنّ كثيراً من الناس حُرموا عن حقّ هذا المقام ، فزلّت فيه أقدام وضلّ به أقوام ؛ إذ لا شكّ أنّ لكلّ أحد مبطلاً كان أو محقّاً مستمسكاً يلوذ به ويلجأ إليه ، وكلٌّ يزعم صحّة ما هو معتمد عليه ، كما سيأتي في الفصل الثاني من الباب الرابع من هذه المقدّمة .
وظاهر أنّ الجميع ليس بصحيح ، بل إنّما المبطلون في قيد شبهة (١) وحيرة ضلالة وإن كان بطلانها عندهم غير صحيح .
__________________
(١) في «م» زيادة : واحدة .