ولهذا قال عليّ عليهالسلام : «إنّما سمّيت الشبهة شبهةً ؛ لأنّها تشبه الحقّ ، فأمّا أولياء اللّه فضياؤهم فيها اليقين ، ودليلهم سمت الهدى ، وأمّا أعداء اللّه فدعاؤهم [فيها (١) ] الضلال ، ودليلهم العمى» (٢) ، الخبر .
وقال عزوجل : ( وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَىٰ أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ ) (٣) .
وقال سبحانه : ( الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ ) (٤) ، الآيات وغيرها .
فعلى هذا ، يجب على كلّ قاصد لتحقيق الحقّ أن يوزن كلّ دليل يرد عليه بميزان الاعتدال ، الذي هو ثبوت كونه ممّا أتاه الرسول صلىاللهعليهوآله ـ كما سيتّضح ممّا سيأتي ، لاسيّما في الباب الرابع ـ حتّى يخلص من الوقوع في تيه الشبهة وحيرة الجهالة ، وينجو بسبب اليقين عن شكوك الضلالة ، ويفرّق بين ما هو وسيلة القرب إلى الرحمن ، وما هو من خطوات الشيطان ، ويعرف ما أحلّ اللّه له من الطيبات ، وما حرّم عليه من الخبائث .
ولا يخفى أنّ هذه الحالة أيضاً إنّما تتحقّق بتصفية النيّة ، وتزكية النفس عمّا ذكرناه من المرديات ، واتّخاذ طريق تيقّن كونه من المنجيات .
وبالجملة : أصل توفيق فهم الحقّ وإدراك دليله إنّما يكون بإلهام من اللّه تعالى وهدايته .
وذلك موقوف على السعي في تزكية النفس ، وتخليص النيّة ،
__________________
(١) ما بين المعقوفين من المصدر .
(٢) نهج البلاغة : ٨١ الخطبة رقم ٣٨ .
(٣) سورة الأنعام ٦ : ١٢١ .
(٤) سورة النور ٢٤ : ٢٦ .