الرابع : ما رووه أيضاً عن منصور بن حازم (١) :
قال : قلت لأبي عبداللّه عليهالسلام : إنّ من عرف أنّ له ربّاً ، فقد ينبغي له أن يعرف أنّ لذلك الربّ رضاً وسخطاً ، وأنّه لا يُعرف سخطه ورضاه إلاّ بوحي أو رسول ، فمن لم يأته الوحي فقد ينبغي له أن يطلب الرُسل ، فإذا لقيهم عرف أنّهم الحجّة ، وأنّ لهم الطاعة المفترضة ، فقلت للناس : أليس تعلمون أنّ رسول اللّه صلىاللهعليهوآله كان هو الحجّة من اللّه على خلقه ؟ قالوا : بلى ، قلت : فحين مضى صلىاللهعليهوآله من كان الحجّة على خلقه ؟ قالوا : القرآن ، فنظرت في القرآن فإذا هو يخاصم به المرجئُ (٢) والقدري (٣) والزنديق الذي لا يؤمن به ، حتّى يغلب الرجال بخصومته ، فعرفت أنّ القرآن لا يكون حجّة
__________________
(١) يكنى أبا أيّوب البجلي الكوفي ، من أصحاب الصادق والكاظم عليهماالسلام ، ثقة ، عين ، صدوق من أجلّة فقهاء أصحابنا ، وعدّه المفيد في الرسالة من فقهاء الأصحاب ، وله كتب منها : أصول الشرائع ، وكتاب الحجّ .
انظر : مجمع الرجال ٦ : ١٤٢ ، جامع الرواة ٢ : ٢٦٤ ، تعليقة الوحيد على منهج المقال : ٣١٢ .
(٢) المرجئة : اسم فرقة من الفِرَق الإسلامية ، لُقّبوا به ، لأنّهم أخّروا العمل عن الإيمان ، وهم ثلاثة أصناف : صنف منهم قالوا بالإرجاء في الإيمان وبالقدر على مذاهب القدرية المعتزلة ، وصنف منهم قالوا بالإرجاء بالإيمان وبالجبر في الأعمال ، والصنف الثالث منهم خارجون عن الجبرية والقدرية ، ومن بعض عقائدهم قولهم : لا تضرّ مع الإيمان معصية ، ولا تنفع مع الكفر طاعة .
انظر : الفرق بين الفِرَق : ٢٠٢ ، الملل والنحل للشهرستاني ١ : ١٣٩ ، موسوعة كشّاف اصطلاحات الفنون ٢ : ١٥١٠ ، مجمع البحرين ١ : ١٧٦ ـ رجا ـ ، مقالات الإسلاميّين ص١٣٢ .
(٣) القدريّة : هم المنسوبون إلى القدر ، ويزعمون أنّ كلّ عبد خالق فعله ، ولا يرون المعاصي والكفر بتقدير اللّه ومشيئته ، فنُسبوا إلى القدر ؛ لأنـه بدعتهم وضلالتهم ، قيل : القدريّة هم المعتزلة ؛ لإسناد أفعالهم إلى قدرتهم .
انظر : مجمع البحرين ٣ : ٤٥١ ـ قدر ـ .