فصلوات اللّه وسلامه عليه وعلى آله الأوصياء في الدين والراسخين في العلم ، خلفاء اُمّته ، وحلفاء حكمته ، وعلماء ملّته ، الذين جعلهم اللّه الحجج على كلّ معترف له بملكة الربوبيَّة ، ولرسوله بالسلطنة (١) النبويّة ، فاصطفى منصب ولاية الأمر لهم ، وعلى أصحابه الموفين بعهده ، المسلّمين لأمره ، الذين حفظوا وصيّته من بعده في الثقلين ، وتمسّكوا بولاية عترته المصطفين ، ولم يكونوا من الذين أعمى اللّه أبصارهم ، وأضلّ أعمالهم فلا ناصر لهم .
وبعد :
فهذا تنميق (٢) أنيق ، وتأليف أليف ، رقّمته في تحقيق أمر الإمامة ، وتنقيح الإمارة الإيمانيّة ، وبيان حصرها في أئمّة الفرقة المحقّة الإماميّة ، أعني : الطائفة الناجية الإثنى عشريّة ، رضوان اللّه عليهم أجمعين .
فإنّه لمّا تبيّن لي أنّ مناط كلام جمهور المؤلّفين في هذا المبحث المتين على نهج أطوار المخالفين من أنواع المناظرات والمجادلات الدائرة على ألسنة المتكلّمين ، ومن محض اتّباع الخلف السلف في كثير ممّا صوّبه الأكثر وزيّف ، من غير ملاحظة طريقة سلوك الأئمّة الطاهرين عليهمالسلام في الاستدلال على أعداء الدين من التمسّك بالبراهين الموجبة لليقين ، الناشئة من محكمات كتاب اللّه المبين ، والمعتمدات الواردة عن سيّد المرسلين ، ووجدت أكثر المؤلّفات أيضاً مشحونة بالمطاعن التي توجب تنفّر طباع الخصوم عن النظر فيها ، وقد قال اللّه عزوجل : ( ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) (٣) وقال أيضاً :
__________________
(١) في «م» : بالسلطة .
(٢) في «م» : تبيان .
(٣) سورة النحل ١٦ : ١٢٥ .