من سمع كلامه في تلك الحال ، ثمّ صمت فلم يتكلّم حتّى مضت له سنتان ، وكان زكريّا الحُجّة للّه عزوجل على الناس بعد صمت عيسى عليهالسلام بسنتين ، ثمّ مات زكريا فورثه يحيى ابنه الكتاب والحكمة وهو صبي صغير ، فلمّا بلغ عيسى عليهالسلام سبع سنين تكلّم بالنبوّة والرسالة حين أوحى اللّه إليه ، فكان عيسى عليهالسلام الحجّة على الناس أجمعين ، وليس تبقى الأرض يوماً واحداً بغير حجّة للّه على الناس .
وكان عليٌّ عليهالسلام حجّةً من اللّه ورسوله على هذه الاُمّة يوم أقامه للناس ، ونصبه علماً ، ودعاهم إلى ولايته ، ولكنّه صمت فلم يتكلّم مع رسول اللّه صلىاللهعليهوآله وكانت الطاعة لرسول اللّه صلىاللهعليهوآله على الاُمّة وعلى عليّ عليهالسلام في حياة النبيّ صلىاللهعليهوآله ، وكانت الطاعة من اللّه ومن رسوله صلىاللهعليهوآله على الناس كلّهم لعلي عليهالسلام بعد وفاة رسول اللّه صلىاللهعليهوآله ، وكان عليّ عليهالسلام حكيماً عالماً» (١) .
«والعلم يتوارث فلا يهلك عالم إلاّ بقي من بعده من يعلم مثل علمه أو ما شاء اللّه (٢).
فقيل له : أفيسع الناس إذا مات العالم أن لا يعرفوا الذي بعده ؟
فقال : «أمّا أهل هذه البلدة ـ يعني المدينة ـ فلا ؛ لأنّ الإمام إذا هلك وقعت حجّة وصيّه على من هو معه في البلد ، وأمّا غيرها من البلدان فبقدر مسيرهم ، إنّ اللّه تعالى يقول : ( فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا ) (٣) ، الآية .
__________________
(١) الكافي ١ : ٣١٣ / ١ (باب حالات الأئمّة عليهمالسلامفي السنِّ) .
(٢) بصائر الدرجات ١٣٨ / ٢ ، الكافي ١ : ١٧٣ / ١ ( باب أنّ الأئمّة عليهمالسلام ورثة العلم ) ، بحار الأنوار ٢٦ : ١٦٩ / ٣٣ .
(٣) سورة التوبة ٩ : ١٢٢ .