ومن هذا القبيل استئجار الغير للعبادة عن الميّت ، كالصلاة والحجّ والصوم ، فما وجد له دليل على جواز الإجارة يحكم به فيه ، وما لم يوجد لا يحكم.
وأمّا أنّه هل يوجد دليل على جواز استئجار العبادات مطلقا أو عبادة خاصّة ، فهو ليس من وظيفة المقام.
نعم ، قد يستشكل فيما ثبت فيه ذلك من وجهين :
أحدهما : أنّ صحّة الإجارة موقوفة على قابليّة المنفعة وكونها محلّلة ، ولا ريب أنّ الصلاة ـ مثلا ـ عن الغير قبل الإجارة في غير التبرّع غير صحيحة ، فصحّتها بالإجارة توجب الدور ، إذ صحّة الصلاة عن الغير موقوفة على الإجارة الصحيحة المتوقّفة على صحّة الصلاة عن الغير.
ودفعه : أنّ وقوع الإجارة الصحيحة موقوف على إمكان الصلاة عن الغير بالإجارة ، وإمكانها موقوف على دليل شرعيّ عليها ، لا على الإجارة الصحيحة ، وإنّما يتوقّف عليها وقوع الصلاة المؤدّاة صحيحة ، وصحّة الإجارة غير موقوفة عليها.
وثانيهما : أنّ الصلاة ونحوها عبادة يجب فيها إخلاص النيّة ، وهو مع الإجارة غير متحقّق ، لأنّ الفعل حينئذ يكون بقصد أخذ الأجرة.
ودفع : بأنّ بعد ثبوت صحّة الإجارة بدليل يكون ذلك دليل على جواز تشريك ضميمة أخذ الأجرة مع القربة في القصد ، كالجنّة ، والخلاص من النار ، وأمثالهما.
ولا يخفى أن مبنى ذلك على عدم إمكان الإخلاص مع الإجارة ، وإلاّ لم يدلّ دليل جوازها على جواز التشريك ، والظاهر إمكانه كما مرّ ، فإنّ الفعل بالإجارة يصير واجبا شرعا وتتمّ نيّة التقرّب ، وعدم استحقاق تمام