ومنهم من فرّق بين المؤبّد وغيره ، فلم يجوّز في الأول مطلقا ، وفي الثاني جوّز في الصور التي نقلناها عن النهاية ، وهو المنقول عن الصدوق والقاضي والحلبي (١) ، وقد يجوّز في الثاني خاصّة مع الاتّفاق مع الواقف أو وارثه ، ذهب إليه صاحب التنقيح (٢). والذي وصل إليّ في هذا الباب من الأخبار صحيحة علي بن مهزيار :
قال : كتبت إلى أبي جعفر عليهالسلام : أنّ فلانا ابتاع ضيعة فوقفها وجعل لك في الوقف الخمس ، ويسأل عن رأيك في بيع حصّتك من الأرض ، يقوّمها على نفسه بما اشتراها به ، أو يدعها موقوفة؟ فكتب إليّ : « أعلم فلانا أنّي آمره ببيع حقّي من الضيعة وإيصال ثمن ذلك إليّ ، وأنّ ذلك رأيي إن شاء الله ، أو يقومها على نفسه إن كان ذلك أوفق له » ، وكتبت إليه : أنّ الرجل ذكر أنّ بين من وقف هذه الضيعة عليهم اختلافا شديدا ، وأنّه ليس يأمن أن يتفاقم ذلك بينهم بعده ، فإن كان ترى أن يبيع هذا الوقف ويدفع إلى كلّ إنسان منهم ما كان وقف له من ذلك أمرته ، فكتب بخطّه إليّ : « وأعلمه أنّ رأيي له إن كان قد علم الاختلاف ما بين أصحاب الوقف أن بيع الوقف أمثل ، فإنّه ربّما جاء في الاختلاف ما فيه تلف الأموال والنفوس » (٣).
ورواية جعفر بن حنّان الصحيحة عن ابن محبوب ـ الذي أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنه ـ : قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن
__________________
(١) نقله عنهم في المختلف : ٤٨٩ وهو في الفقيه ٤ : ١٧٩ والمهذب ٢ : ٩٢ والكافي : ٣٢٥ ، وقال في مفتاح الكرامة ٤ : ٢٥٨ ما نسبوه إلى الحلبي من موافقته للقاضي غير صحيح.
(٢) التنقيح ٢ : ٣٢٩.
(٣) التهذيب ٩ : ١٣٠ ـ ٥٥٧ ، الاستبصار ٤ : ٩٨ ـ ٣٨١ ، الوسائل ١٩ : ١٨٧ كتاب الوقوف والصدقات ب ٦ ح ٥ ، ص ١٨٨ ب ٦ ح ٦ ، بتفاوت يسير.