وإن لم يكن قصده ذلك ، بل كان مقصوده ذلك الأمر الآخر ، ولكنّه باع بنفسه ما له ليدفع به الإكراه ، كمن يكرهه على دفع مال فباع أرضا ليؤدّي من ثمنها ذلك المال ، فهو ليس إكراها على البيع قطعا.
نعم ، لو استشكل أحد فيما إذا توقّف دفع الإكراه على البيع ـ كأن يطلب منه مالا ولم يتمكّن من أدائه إلاّ ببيع أرض ، بأن لا يكون له إلاّ تلك الأرض ، سيّما إذا علم المكره بذلك ـ لم يكن بعيدا ، بل الظاهر أنّه مع علمه به إكراه ، للصدق العرفي ، وأمّا بدونه ففي الصدق إشكال ، وأمر الاحتياط واضح.
ولا يتوهّم أنّه وإن لم يعلمه المكره ولكنّ المكره غير راض بالبيع ، فلا يكون صحيحا.
قلنا : لا نسلّم أنّه غير راض ، بل قد يكون هو غاية مطلوبه لدفع الظلم عن نفسه ، فإنّ البيع لا يجب أن يكون لأجل نفع دائما ، بل قد يكون لدفع ضرّ ، كمن يبيعه لأداء دين أو دفع جوع ، فإنّ مثل ذلك لا يسمّى إكراها ، لأنّه وإن لم يرتكب البيع لو خلّي ونفسه ولم يتحقّق هذا الباعث ، ولكن مع حصول ذلك يرضى به غاية الرضا.
فالمناط في البطلان : صدق الإكراه على البيع عرفا ، أو ظهور عدم القصد ، وبدون الأمرين يصحّ البيع.
ومنه يظهر الضابط في الفساد لأجل الإكراه.
ومنها : المالكيّة ، فلا يصحّ البيع من غير المالك إلاّ ما استثني ، للإجماع في الجملة ، والأخبار ، كصحيحتي الصفّار (١) ومحمّد (٢) المتقدّمتين
__________________
(١) الكافي ٧ : ٤٠٢ ـ ٤ ، الفقيه ٣ : ١٥٣ ـ ٦٧٤ ، التهذيب ٧ : ١٥٠ ـ ٦٦٧ ، الوسائل ١٧ : ٣٣٩ أبواب عقد البيع وشروطه ب ٢ ح ١.
(٢) التهذيب ٧ : ٥١ ـ ٢٢٠ ، الوسائل ١٨ : ٥١ أبواب أحكام العقود ب ٨ ح ٨.