وقد ظهر ضعف دليله على العدم.
والقول الفصل فيه : أنّ حكم ما يستحبّ على المستأجر خاصّة حكم الواجب بلا تفاوت.
وأمّا ما يستحبّ على الأجير عينا أو كفاية ، فإن لم يكن فيه نفع للمستأجر فلا يجوز وإن كان دليل استحبابه مطلقا ، فإنّ أراد المستأجر الإتيان بالمستحبّ فلا يجوز ، لما مرّ من دليل التبادر ، فإنّ المتبادر استحبابه مجّانا ، فما فعل بالعوض لا يكون مستحبّا. وإن أراد نفس الفعل كيف ما كان فهو عن المقام خارج ، وبمقتضى الأصل جائز ، إلاّ أن يوجب ارتكاب حرام من بدعة أو تشريع أو غيرهما.
فرعان :
الأول : لو قلنا بجواز أخذ الأجر على المستحبّ يستثنى منه أمران :
أحدهما : الأذان ، فإنّه يحرم أخذ الأجرة عليه وفاقا للمعظم (١) ، بل عن بعض الأصحاب نفي الخلاف عنه (٢) ، وفي الخلاف وشرح القواعد للمحقّق الثاني الإجماع عليه (٣).
لصحيحة محمّد المرويّة في كتاب الشهادات من الفقيه : « لا تصلّ خلف من يبغي على الأذان والصلاة بين الناس أجرا ، ولا تقبل شهادته » (٤) ، وهو نصّ في التحريم.
__________________
(١) منهم الشيخ في النهاية : ٣٦٥ ، الحلي في السرائر ٢ : ٢١٧ ، العلاّمة في التذكرة ١ : ٥٨٣.
(٢) كما في الرياض ١ : ٥٠٦.
(٣) الخلاف ١ : ٢٩٠ ، جامع المقاصد ٤ : ٣٦.
(٤) الفقيه ٣ : ٢٧ ـ ٧٥ ، الوسائل ٢٧ : ٣٧٨ أبواب الشهادات ب ٣٢ ح ٦.