ثمَّ قال بعد كلام : لا يقال : إذا كان البلد تحت يد المسلمين كان محكوما بكونه ملكا لهم ، والقول بخلاف ذلك يحتاج إلى أمر مفيد للعلم ، ولا يكفي الظنّ في ذلك.
فإنّا نقول : نحن نعلم أنّ تلك الأراضي كانت تحت يد الكفّار ثمَّ طرأ عليها دخولها تحت يد المسلمين ، إمّا على وجه كونها ملكا لجميع المسلمين والآن لصاحب اليد أولويّة التصرّف فيها ، وإمّا على وجه كونها ملكا لصاحب اليد ، فإذا اشتبه الأمر لم يكن لنا أن نحكم بشيء من ذلك إلاّ بحجّة ، ولا يعرف أنّ اليد في أمثال هذه الأراضي تقتضي الحكم باختصاصها بصاحب اليد على وجه الاختصاص الملكي ، وإن سلّمنا ذلك في المنقولات والأشجار والأبنية وأمثالها. ومن المعلوم أنّ المتصرّف أيضا لا يدّعي ذلك ولا يعلمه ، ولو ادّعى شيئا من ذلك لا نصدّقه ، لأنّا نعلم أنّه لا يعلم. ولا يمكن دعوى الإجماع فيما نحن فيه ، ولا دعوى نصّ يدلّ على أكثر ممّا ذكرنا.
وإذا علم كون بلد مفتوحا عنوة وحصل الاشتباه في بعض مزارعه وقراه فسبيل تحصيله ما ذكرنا ، وكذلك السبيل في معرفة كون الأرض عامرة وقت الفتح أو مواتا ، فإنّه يعوّل عليها بالأمارات الظنّيّة عند تعذّر العلم (١). انتهى.
قوله : نحن نعلم أنّ تلك الأراضي كانت تحت يد الكفّار ، إلى آخره.
فيه منع ، لجواز عدم دخولها تحت أيديهم بكونها محياة للمسلمين.
قوله : ولا نعرف أنّ اليد ، إلى آخره.
__________________
(١) الكفاية : ٧٩.