أقول : انتفاء الغرر مطلقا غير معلوم ، فإنّ من المطعومات والمشمومات المتّفقة في كثير من الأوصاف ما يختلف الطعم والرائحة فيه اختلافا موجبا لاختلاف القيمة والرغبات ، والجميع من مقتضى طبعه ، وليس فيها طعم غالب ، ففي مثله يلزم الغرر.
وأمّا ضعف خبر ابن العيص سندا فعندنا غير ضائر ، والأمر فيه وإن كان واردا في معرض توهّم الحظر ، ولكنّ الحقّ عندي إفادته الوجوب أيضا.
والرواية المتقدّمة للمعارضة غير صالحة ، لعدم تعيّن كون ذكر الخيار قرينة للتجوّز في الصحّة ، لجواز العكس ، بل هو أولى ، لإمكان إرادة الخيار في الاسترداد وفي البقاء على مقتضى البيع على وجه التراضي المحض دون البيع ، وعدم ثبوت حقيقة شرعيّة في الخيار في التخيير في إبقاء العقد وعدمه.
وعلى هذا ، فتكون الرواية دليلا آخر على المنع أيضا ، فهو أقوى ، سيّما إذا كان المبيع ممّا تختلف أفراده أو أصنافه في الطعم أو الرائحة ، كالبطّيخ والخلّ وماء الورد.
إلاّ أنّ المعلوم من الشواهد الحاليّة أن الأمر بالذوق لمعرفة الطعم ، سيّما مع ذكر الاختبار في الرواية فإنّه يكون لتحصيل المعرفة ، ومع تجويز البيع بوصف الطعم بالإجماع والأخبار المجوّزة للسلف في الطعام (١).
وعلى هذا ، فيختصّ اشتراط الذوق بما لم تحصل معرفته من جهة معرفة سائر الأوصاف عادة ، فلو حصلت لم يحتج إلى الذوق.
ويفترق ما قلنا مع المشهور في حصول المعرفة الظنّية لأجل الغلبة ،
__________________
(١) الوسائل ١٨ : ١٨ أبواب الخيار ب ٧.