ويسمّى المدلول الإيجابيّ « منطوقاً » للجملة ، والمدلول السلبيّ « مفهوماً ».
وكلّ جملةٍ لها مثل هذا المدلول السلبيّ يقال في العرف الاصولي : إنّ هذه الجملة أو القضية ذات مفهوم.
وقد وضع بعض الاصوليِّين (١) قاعدةً عامّةً لهذا المدلول السلبيّ في اللغة ، فقال : إنّ كلّ أداةٍ لغويةٍ تدلّ على تقييد الحكم وتحديده لها مدلول سلبي ، إذ تدلّ على انتفاء الحكم خارج نطاق الحدود التي تضعها للحكم ، وأداة الشرط تعتبر مصداقاً لهذه القاعدة العامة ؛ لأنّها تدلّ على تحديد الحكم بالشرط.
ومن مصاديق القاعدة أيضاً : أداة الغاية ، حين تقول مثلاً : « صُمْ حتّى تغيب الشمس » ، فإنّ « صُمْ » هنا فعل أمرٍ يدلّ على الوجوب ، وقد دلّت « حتّى » بوصفها أداة غايةٍ على وضع حدٍّ وغايةٍ لهذا الوجوب الذي تدلّ عليه صيغة الأمر ، ومعنى كونه غايةً له : تقييده ، فيدلّ على انتفاء وجوب الصوم بعد مغيب الشمس ، وهذا هو المدلول السلبيّ الذي نطلق عليه اسم المفهوم. ويسمّى المدلول السلبيّ للجملة الشرطية بـ « مفهوم الشرط » ، كما يسمّى المدلول السلبيّ لأداة الغاية ـ من قبيل حتّى في المثال المتقدم ـ بـ « مفهوم الغاية ». وأمّا إذا قيل : « أكرم الفقير العادل » فلا يدلّ القيد هنا على أنّ غير العادل لا يجب إكرامه ؛ لأنّ هذا القيد ليس قيداً للحكم ، بل هو وصف للفقير وقيد له ، والفقير هو موضوع الحكم لانفسه ، وما دام التقييد لا يعود إلى الحكم مباشرةً فلا دلالة له على المفهوم ، ومن هنا يقال : إنّه لا مفهوم للوصف ، ويراد به ما كان من قبيل كلمة « العادل » في هذا المثال.