وأن القدرة شرط فى التكليف ، نستطيع أن نستنتج القاعدة القائلة : إن كل القيود التى تؤخذ فى الواجب دون الوجوب لابد أن تكون اختيارية ومقدورة للمكلف ، لان المكلف مسؤول عن توفيرها ، كما عرفنا آنفا ، ولا مسؤولية ولا تكليف إلا بالمقدور ، فلا بدإذن أن تكون مقدورة ، وهذا خلافا لقيود الوجوب ، فانها قد تكون مقدورة كالاستطاعة ، وقد لا تكون كزوال الشمس ، لان المكلف غير مسؤول عن إيجادها.
عرفنا حتى الان من قيود الواجب القيد الذى يأخذه الشارع قيدا ، فيحصص به الواجب ويأمر بالحصة الخاصة كالطهارة ، وتسمى هذه بالقيود أو المقدمات الشرعية. وهناك قيود ومقدمات تكوينية يفرضها الواقع بدون جعل من قبل المولى ، وذلك من قبيل إيجاد واسطة نقل ، فانها مقدمة تكوينية للسفر بالنسبة إلى من لا يستطيع المشى على قدميه ، فاذا وجب السفر كان توفير واسطة النقل مقدمة للواجب حتى بدون أن يشيرإليها المولى أو يحصص الواجب بها ، وتسمى بالمقدمة العقلية.
والمقدمات العقلية للواجب من ناحية مسؤولية المكلف تجاهها كالقيود الشرعية ، فان أخذت المقدمة العقلية للواجب قيدا للوجوب لم يكن المكلف مسؤولا عن توفيرها ، وإلا كان مسؤولا عقلا عن ذلك ، بسبب كونه ملزما بامتثال الامر الشرعى الذى لا يتم بدون إيجادها.
والمسؤولية تجاه قيود الواجب سواء كانت شرعية أو عقلية ، إنما تبدأ بعد أن يوجد الوجوب المجعول ويصبح فعليا بفعلية كل القيود المأخوذة فيه ، فالمسؤولية تجاد الطهارة والوضوء مثلا ، تبدأ من قبل وجوب صلاة