الظن بوضعها الظاهرى بدون تمحيص وتدقيق فى واقعها ، ولا ربط لها حينئذ بتعيين الوظيفة العملية فى موارد الشك فى التكليف.
وأما مشهور المعلقين على الرواية ، فقد افترضوا أن الشبهة بمعنى الشك تأثرا بشيوع هذا الاطلاق فى عرفهم الاصولى ، وحاولوا المناقشة فى الاستدلال بوجه آخر مبنى على مسلك قاعدة قبح العقاب بلا بيان ، إذ على هذا المسلك تكون الشبهة البدوية مؤمنا عنها بالقاعدة المذكورة ما لم يجعل الشارع منجزا للتكليف المشكوك بايجاب الاحتياط ونحو ذلك ، وهذا معناه أن التنجز واستحقاق العقاب من تبعات وجوب الاحتياط وليس سابقا عليه ، ونحن إذا لا حظنا الرواية المذكورة نجد أنها تفترض مسبقا أن الاقدام مظنة للهلكة ، وتنصح بالوقوف حذرا من الهلكة ، ومقتضى ذلك أنها تتحدث عن تكاليف قد تنجزت وخرجت عن موضوع قاعدة قبح العقاب بلا بيان فى المرتبة السابقة ، وليست بصدد إيجاب الاحتياط وتنجيز الواقع المشكوك بنفسها ، ونتيجة ذلك أن الرواية لا تدل على وجوب الاحتياط ، وأنها تختص بالحالات التى يكون التكليف المشكوك فيها منجزا بمنجز سابق ، كالعلم الاجمالى ونحوه.
ومنها : رواية جميل عن أبى عبدالله (ع) عن آبائه قال : قال رسول الله (ص) : الامور ثلاثة : أمر بين لك رشده فاتبعه ، وأمر بين لك غيه فاجتنبه ، وأمر اختلف فيه فرده إلى الله (١).
وكأنه يراد أن يدعى أن الشبهات الحكمية من القسم الثالث ، وقد
__________________
(١) جامع أحاديث الشيعة ب ٨ من أبواب المقدمات الحديث ٤٥.