وهناك بعض خدم الإمام الحسن ( عليه السلام ) اتهم أيضاً بسم الإمام! فقد قال ابن كثير وقد سمعت بعض من يقول : « كان معاوية قد تلطف لبعض خدمه أن يسقيه سماً » (١).
وإنّي لا أمنع ولا أدفع ما رواه الهيثم بن عدي ولا ما سمعه ابن كثير ، ولا منافاة مع ما رواه جملة من المؤرخين من أنّ معاوية دس السم على يد جعدة بنت الأشعث بن قيس ، فإنّ الإمام الحسن ( عليه السلام ) كان يقول سقيت السم مراراً ، فيكون من عرفناهم جميعاً شركاء في الجريمة ، وربّما كانت هناك أسماء آخرين غير معلنة لها دور مماثل لدور هند وجعدة وبعض الخدم.
وقضية سم معاوية للإمام الحسن ( عليه السلام ) تظافر نقلها تظافراً يكاد يلحقها بالتواتر فقد ذكرها جملة من المؤرخين من القدامى والمحدثَين ، وجزم بها غير واحد منهم قتادة ، وأبو بكر بن حفص ، والزين العراقي ، كما حكاه عنهم ابن حجر الهيتمي في الصواعق ، وهو منهم في جزمه ، ولم يستبعد ذلك إلاّ بعض الشاذين ممّن هواه مع الأمويين كالذهبي ، وابن كثير ، وابن خلدون من السابقين ، وتبعهم من اللاحقين المعاصرين من غربيين ومغتربين وعرب متغرّبين ، ممّن لا يؤبه بهم.
قال الذهبي ( ت ٧٤٨ هـ ) بعد أن حكى قول ابن عبد البر في الاستيعاب : « وقالت طائفة : كان ذلك بتدسيس معاوية لها ـ لجعدة ـ وبذله لها على ذلك ». قال الذهبي : « قلت : هذا شيء لا يصح فمن الّذي اطّلع عليه » (٢) (؟!).
وقال ابن كثير ( ت ٧٤٧ هـ ) : « وعندي ان هذا ـ تدسيس يزيد لجعدة بسم الحسن ـ ليس بصحيح ، وعدم صحته عن أبيه معاوية بطريق الأولى والأحرى » (٣) (؟!)
____________________
(١) البداية والنهاية ٨ / ٤٣ ط السعادة.
(٢) تاريخ الإسلام وطبقات المشاهير والأعلام ٢ / ٢١٩ ط القدسي بمصر.
(٣) البداية والنهاية ٨ / ٤٣ ط السعادة.