فقال الحسين ( عليه السلام ) : أقتله والله. قال : فلا أخبرك به أبداً حتى نلقى رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ). ولكن اكتب : هذا ما أوصى به الحسن بن عليّ إلى أخيه الحسين بن عليّ أوصى انّه يشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، وأنّه يعبده حقّ عبادته لا شريك له في الملك ، ولا وليّ له من الذلّ ، وأنّه خلق كلّ شيء فقدّره تقديرا ، وأنّه أولى مَن عُبِد ، وأحق مَن حُمِد ، من أطاعه رَشد ، ومن عصاه غوى ، ومن تاب إليه اهتدى.
فإنّي أوصيك يا حسين بمَن خلّفت من أهلي وولدي وأهل بيتك أن تصفح عن مسيئهم ، وتقبل من محسنهم ، وتكون لهم خلَفاً ووالداً ، وأن تدفنني مع جدي رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، فإنّي أحق به وببيته ممّن أدخل عليه بيته بغير إذنه ، ولا كتاب جاءهم من بعده. قال الله تعالى فيما أنزله على نبيّه ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) في كتابه : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ ) (١) فوالله ما أذن لهم في الدخول عليه في حياته بغير إذنه ، ولا جاءهم الإذن في ذلك من بعد وفاته ، ونحن مأذون لنا في التصرف فيما ورثناه من بعده.
فإن أبت عليك الإمرأة فأنشدك بالقرابة الّتي قرّب الله ( عزّ وجلّ ) منك والرحم الماسّة من رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) أن لا تهريق فيّ محجمة دم حتى نلقى رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) فنختصم إليه ونخبره بما كان من الناس إلينا بعده ثمّ قبض ( عليه السلام ).
( مشاركته في تغسيل الإمام )
قال ابن عباس : فدعاني الحسين ( عليه السلام ) وعبد الله بن جعفر وعليّ بن عبد الله ابن العباس (٢) فقال : أغسلوا ابن عمكم ، فغسّلناه وحنّطناه وألبسناه أكفانه ، ثمّ
____________________
(١) الأحزاب / ٥٣.
(٢) لا يخفى ان عمره يومئذ ١١سنة ، فلعله كان يناولهم الماء ، كما صنع الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في تغسيل الزهراء ( عليها السلام ) حين كان الحسين يناوله الماء وعمره سبع سنين يومئذ.