فقلت : واسوأتاه يوم على بغل ويوم على جمل تريدين أن تطفئ فيه نور الله ، وتقاتلي أولياء الله ، وتحولي بين رسول الله وبين حبيبه أن يدفن معه ، إرجعي فقد كفى الله تعالى المؤنة ، ودفن الحسن إلى جنب أمه ، فلم يزدد من الله تعالى إلاّ قرباً ، وما ازددتم منه والله إلاّ بُعداً ، يا سوأتاه انصرفي فقد رأيتِ ما سرّكِ.
قال : فقطبّت في وجهي ونادت بأعلا صوتها : أما نسيتم الجمل يا بن عباس ، إنكم لذوو أحقاد فقلت : أم والله ما نسيه أهل السماء فكيف ينساه أهل الأرض ، فانصرفت وهي تقول :
فألقت عصاها فاستقرّ بها النوى |
|
كما قرّ عيناً بالإياب المسافر » |
وروى المجلسي في البحار نقلاً عن عيون المعجزات المنسوب للمرتضى قال : « فقام ابن عباس ( رضي الله عنه ) وقال : يا حميراء ليس يومنا منك بواحد يوم على الجمل ويوم على البغلة ، أما كفاك أن يقال : يوم الجمل حتى يقال يوم البغل يوم على هذا ويوم على هذا ، بارزة عن حجاب رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) تريدين إطفاء نور الله والله متمّ نوره ولو كره المشركون ، إنا لله وإنا إليه راجعون.
فقالت له : إليك عني وأفّ لك ولقومك » (١).
وروى أيضاً نقلاً عن الخرايج للراوندي : « ثمّ قال ابن عباس ـ لعائشة ـ : واسوأتاه يوماً على بغل ويوماً على جمل.
قال : وفي رواية : يوماً تجمّلت ويوماً تبغّلت وإن عشت تفيّلت. فأخذه ابن الحجّاج الشاعر البغدادي فقال :
تـجـمّـلـت تـبـغّـلـت |
|
وإن عـشـت تـفـيّـلـت |
____________________
(١) بحار الأنوار ٤٤ / ١٤١ نقلاً عن عيوان المعجزات.