فهذا الخبر الّذي رواه الزبير بن بكار عن رجاله كان أفادنا كثيراً لو أنّ الإربلي نقله عنه برمّته ، ولكنه اختصره فحذف ذكر السند ـ وهذا أمر بالغ الأهمية في تعمية السند. ثمّ لم يكتف بذلك حتى حذف من المتن كثيراً حيث قال : في حديث طويل ذكره الزبير وذكرت منه موضع الحاجة إليه. فرحم الله الإربلي فهو بقدر ما أحسن إلينا من حفظ هذا النص الّذي لولاه لضاع فيما ضاع من نصوص الموفقيات ، فقد فوّت أيضاً كبير فائدة بتركه ذكر السند ، وحذفه من المتن الطويل ما لو ذكره ربّما أفادنا كثيراً في جلاء بعض الغموض الّذي اكتنف حضور الشام ، ومهما يكن فجزاه الله خيراً.
ثانياً : ما رواه إنسان معاصر للإربلي ، فقد روى لنا النص بتفاوت وطوى ذكر الاسناد كما صنع الإربلي وذلك هو الفقيه حُميد الشهيد المتوفى سنة ٦٥٢ ذكر في كتابه الحدائق الوردية في أحوال الأئمّة الزيدية. وإلى القارئ ما ذكره كما في نسخة مكتبة الإمام كاشف الغطاء مخطوطة (١) :
جاء فيه ( ذكر خبر دخول ابن عباس على معاوية وإخباره له بموت الحسن ( عليه السلام » فقال : « ولمّا نُعي الحسن ( عليه السلام ) إلى معاوية وعبد الله بن العباس بباب معاوية فحُجب ابن عباس حتى أخذ الناس مجالسهم ، ثمّ أذن له ، فقال : أعظم أجرك يا بن عباس ، قال : فيمن؟ قال في الحسن بن عليّ.
قال : إذن لا يزيد موته في عمرك ، ولا يدخل عمله عليك في قبرك ، فقد فقدنا من هو أعظم منه قدراً ، وأجل منه أمراً ، فاعقب الله عقبى صالحة ، فخرج ابن عباس وهو يقول أربع أبيات في ذلك وهي :
____________________
(١) طبع الكتاب أخيراً بتحقيق د. المرتضى بن زيد المحظوري الحسني ١٤٢٣ مطبوعات مكتبة مركز بدر العلمي الثقافي صنعاء والخبر فيه في١ / ١٨٤ ـ ١٨٦ بتفاوت يسير.