إلى عبد الله بن عباس وإلى عبد الله بن الزبير وإلى عبد الله بن جعفر وإلى الحسين بن عليّ ( رضي الله عنهم ) كتباً وأمر سعيد بن العاص أن يوصلها إليهم ويبعث بجواباتها ...
وكتب إلى ابن عباس : أمّا بعد فقد بلغني إبطاؤك عن البيعة ليزيد بن أمير المؤمنين ، وإنّي لو قتلتك بعثمان لكان ذلك إليَّ ، لأنّك ممّن ألّب عليه وأجلب ، وما معك من أمان فتطمئن به ، ولا عهد فتسكن إليه ، فإذا أتاك كتابي هذا فاخرج إلى المسجد ، والعن قتلة عثمان وبايع عاملي ، فقد أعذر من أنذر ، وأنت بنفسك أبصر والسلام » (١).
قال ابن قتيبة في الإمامة والسياسة : « فكان أوّل من أجابه عبد الله بن عباس فكتب إليه : أمّا بعد فقد جاءني كتابك وفهمت ما ذكرت ، وأن ليس معي منك أمان ، وانّه والله ما منك يطلب الأمان يا معاوية ، وإنّما يطلب الأمان من الله رب العالمين ، وأمّا قولك في قتلي ، فوالله لو فعلت للقيت الله ومحمّداً صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم خصمك ، فما أخاله أفلح ولا أنجح من كان رسول الله خصمه ، وأمّا ما ذكرت من أنّي ممّن ألّب على عثمان وأجلب ، فذلك أمر غبت عنه ، ولو حضرته ما نسبت إليَّ شيئاً من التأليب عليه ، وأيم الله ما أرى أحداً غضب لعثمان غضبي ، ولا أعظم أحد قتله إعظامي ، ولو شهدته لنصرته أو أموت دونه ، ولقد قلت وتمنيت يوم قتل عثمان ليت الّذي قتل عثمان لقيني فقتله معه ولا أبقى بعده ، وأمّا قولك لي العن قتلة عثمان ، فلعثمان ولد وخاصة وقرابة هم أحق بلعنهم مني ، فإن شاؤا أن يلعنوا فليلعنوا ، وإن شاؤا أن يمسكوا فليمسكوا والسلام ... » (٢).
____________________
(١) الإمامة والسياسة ١ / ١٤٥ ـ ١٤٧ ط سنة ١٣٢٨.
(٢) نفس المصدر ١ / ١٤٨.