فقال معاوية : مرحباً بابن بنت رسول الله وابن صنو نبيّه ، ثمّ انحرف إلى الناس فقال : هذان شيخا بني عبد مناف ، وأقبل عليهما بوجهه وحديثه ، فرحّب وقرّب ، فجعل يواجه هذا مرّة ويضاحك هذا أخرى ، حتى ورد المدينة ، فلمّا خالطها لقيته المشاة والنساء والصبيان يسلّمون عليه ويسايرونه إلى أن نزل. فانصرفا عنه ، فمال الحسين إلى منزله ومضى ابن عباس إلى المسجد فدخله » (١). هذا ما رواه ابن قتيبة.
إلاّ أنّ ابن الأثير قال : « سار ـ معاوية ـ إلى الحجاز في ألف فارس ، فلمّا دنا من المدينة لقيه الحسين بن عليّ أوّل الناس فلمّا نظر إليه قال : لا مرحباً ولا أهلاً ، بدنة يترقرق دمها والله مهريقه. قال : مهلاً فإني والله لست بأهل لهذه المقالة ، قال : بلى ولشرّ منها.
ولقيه ابن الزبير فقال : لا مرحباً ولا أهلاً ، خبّ ضبّ تلعة ، يدخل رأسه ويضرب بذنبه ، ويوشك والله أن يؤخذ بذنبه ويدقّ ظهره ، نحيّاه عني ، فضُرب وجه راحلته.
ثمّ لقيه عبد الرحمن بن أبي بكر فقال له معاوية : لا أهلاً ولا مرحباً شيخ قد خرف وذهب عقله ثمّ أمر فضرب وجه راحلته. ثمّ فعل بابن عمر نحو ذلك ، فاقبلوا معه لا يلتفت إليهم حتى دخل المدينة ، فحضروا بابه فلم يؤذن لهم على منازلهم ولم يروا منه ما يحبّون فخرجوا إلى مكة فأقاموا بها ... ثمّ ذكر خطبة معاوية يتهدد الممتنع عن البيعة وخصوصاً أولئك النفر بالقتل بما فيهم الحسين ، وذكر دخوله على عائشة وجرى ذكر امتناع أولئك النفر وتهديده بقتلهم فقالت له : فارفق بهم فإنهم يصيرون إلى ما تحب إن شاء الله » (٢).
____________________
(١) نفس المصدر.
(٢) الكامل في التاريخ ٣ / ٢١٦ ـ ٢١٧ ط بولاق.