الناس وإن قرب ، ثمّ أرسل إلى الحسين بن عليّ وعبد الله بن عباس ، فسبق ابن عباس ، فلمّا دخل وسلّم عليه أقعده في الفراش على يساره فحادثه مليّاً.
ثمّ قال : يا بن عباس لقد وفّر الله حظكم من مجاورة هذا القبر الشريف ودار الرسول ( عليه السلام ).
فقال ابن عباس : نعم أصلح الله أمير المؤمنين وحظنا من القناعة بالبعض والتجافي عن الكلّ ، أوفر.
فجعل معاوية يحدثه ويحيد به عن طريق المجادلة ، ويعدل إلى ذكر الأعمال على اختلاف الغرائز والطباع. حتى أقبل الحسين بن عليّ ، فلمّا رآه معاوية جمع له وسادة كانت على يمينه ، فدخل الحسين وسلّم فأشار إليه فأجلسه عن يمينه مكان الوسادة ، فسأله معاوية عن حال بني أخيه الحسن وأسنانهم فأخبره ثمّ سكت. قال : ثمّ ابتدأ معاوية فقال : فالحمد لله وليّ النعم ومنزل النقم ، وأشهد أن لا إله إلاّ الله المتعالي عمّا يقول الملحدون علواً كبيراً ، وأن محمداً عبده المختص المبعوث إلى الجن والإنس كافة لينذرهم بقرآن لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، تنزيل من حكيم حميد ، فأدى عن الله وصدع بأمره ، وصبر على الأذى في جنبه ، حتى أوضح دين الله وأعزّ أولياءه ، وقمع المشركين وظهر أمر الله وهم كارهون ، فمضى صلوات الله عليه وقد ترك من الدنيا ما بُذل له ، واختار منها الترك لما سخّر له ، زهادة واختياراً لله وأنفة واقتداراً على الصبر ، بغياً لما يدوم ويبقى ، فهذه صفة الرسول ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، ثمّ خلفه رجلان محفوظان وثالث مشكوك ، وبين ذلك خوض طال ما عالجناه مشاهدة ومكافحة ومعاينة وسماعاً ، وما أعلم منه فوق ما تعلمان. وقد كان من أمر يزيد ما سبقتم إليه وإلى تجويزه ، وقد علم ما أحاول به من أمر الرعية من سد الخلل ولمّ الصدع بولاية يزيد بما