٦ ـ قال أحمد أمين في كتابه يوم الإسلام : « وبمعاوية انتقل الأمر من خلافة إلى ملك عضود ، الفرق بينهما أنّ الخلافة أساسها اقتفاء أثر الرسول ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) والإعتماد في حل المشاكل على شورى أهل الحل والعقد ، واختيار الخليفة منهم حسبما يرون أنّه الأصلح.
أمّا المُلك فيشبه الملوك الأقدمين من فرس وروم ، واستبداد بالرأي ، وقصر الخلافة على الأبناء والأقرباء ، ولو لم يكونوا صالحين لذلك ، وهذا كلّه ما فعله معاوية ...
والحقّ أنّ معاوية ساد الناس بالغلبة لا بالاختيار ، ثمّ استبد بتسيير الأمور ، ثمّ عهد بالخلافة إلى ابنه يزيد ، ولم يكن أكفأ الناس ، ثمّ ساس الناس سياسة ميكافيلية استبدادية ، لا عهد للناس بها من قبل ، وجرى المسلمون بعد ذلك على أثره من بيت عباسي بعد بيت أموي وهكذا ، وضاع معنى الخلافة الّتي سار عليها الخلفاء الراشدون ، كما ضاع معنى العدل الّذي تشدّد الإسلام في العمل والتعامل به ، وأصبح الأمر أمر سياسة حسبما تتطلبه الغلبة لا عدل حسبما يتطلبه الإسلام » (١).
٧ ـ قال الدكتور طه حسين في الفتنة الكبرى : « ومهما يقل الناس في معاوية من أنّه كان مقرّباً إلى النبيّ بعد إسلامه ، ومن أنّه كان من كتّاب الوحي ، ومن أنّه أخلص الإسلام بعد أن ثاب إليه ، ونصح للنبي وخلفائه الثلاثة ، مهما يقل الناس في معاوية من ذلك فقد كان معاوية هو ابن أبي سفيان قائد المشركين يوم أحد ويوم الخندق ، وهو ابن هند الّتي أغرت بحمزة حتى قتل ، ثمّ بقرت بطنه ولاكت كبده ، وكادت تدفع النبيّ نفسُه إلى الجزع على عمه الكريم ، وكان المسلمون
____________________
(١) يوم الإسلام / ٦٦ ـ ٦٧ ط دار المعارف سنة ١٩٥٢ م.