نحن راجعنا المصدرين المذكورين فرأينا كلمة ابن عباس في الطبري هكذا : « حدّثني عبد الله بن أحمد قال حدّثني أبي قال حدّثني سليمان قال : حدّثني عبد الله عن معمر عن همّام بن منبّه قال سمعت ابن عباس يقول : ما رأيت أحداً أخلق للمُلك من معاوية ، إن كان ليرد الناس منه على أرجاء وادٍ رَحِب ، ولم يكن كالضيّق الخصخص ، الحصير ـ يعني ابن الزبير ». وفي البداية والنهاية أيضاً كذلك مع اختصار في السند وفي المتن ، وأحسبه أخذه عن الطبري. والخبر رواه البلاذري بسنده عن المدائني عن أبي عبد الله عن رجل قال : « قال عبد الله ابن العباس : ما رأيت أحداً كان أحق بالملك من معاوية ، لله درّه إن كان حليماً وإن كان الناس لينزلون منه بأرجاء واد خصب ، لم يكن بالضيّق الليّق المتصعّب الحصوص. يعني الّذي يُحاصّ في كلّ شيء » (١). وذكر المحقق في الهامش تخريجاته (٢).
أقول : وفي ابن الأثير : « ولم يكن كالضيّق الحصحص الحصر يعني ابن الزبير ، وكان مغضباً » (٣).
ومهما يكن فإنّ خبر الطبري الّذي اعتمده مع الإغماض عمّا في سنده ويكفي وجود معمّر الّذي قال فيه الذهبي ومع كون معمر ثقةً ثبتاً فله أوهام لا سيما لمّا قدم البصرة ... (٤). وقد اعترف معمّر نفسه بعد أن احتجم فقال : « فقمت
____________________
(١) أنساب الأشراف ١ق ٤ / ٤٨ برقم ١٧٢.
(٢) عن مصنف عبد الرزاق ج ١١ / ٤٥٣ ، والطبري ٢ / ٢١٥ ، وابن الأثير ٤ / ٩ وقال : وأنظر تاريخ الإسلام ٢ / ٣٢١ ، وسير الذهبي ٣ / ١٠١ ، وتاريخ البخاري ٤ / ٣٢٧ ، وابن كثير ٨ / ١٣٥ ، واللسان ٥ / ٢٦٩ و ٨ / ٣٢١ ، ونهاية ابن الأثير ١ / ٢٣٣ و ٣ / ١٠٢ و ١١٦ وحكى عن الذهبي وعبد الرزاق : العصعص وقال : وهو الأصوب.
(٣) تاريخ ابن الاثير ٣ / ٥ ط بولاق.
(٤) سير أعلام النبلاء ٧ / ١٣.